السبت، 31 ديسمبر 2022

باقي القبائل التي عرض عليهم رسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه لينصروه

 

من كان يظن أن دعوة رسول الله كانت سهلة ميسرة فلينظر ما مر به الحبيب في رحلته ولينظر كم عانى من أهله وقومه وممن طلب منهم العون والنصر .. 

اقرأوا معنا سيرة الحبيب 



توقفنا في الحلقة السابقة عن القبائل التي عرض رسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه عليها حتى يساعدوه وينصروه نكمل معا 

٣ - قَبِيلَةُ كِنْدَةَ:

جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كِنْدَةَ في مَنَازِلهِم بِعُكَاظٍ، فَلَمْ يَأْتِ حَيًّا مِنَ العَرَبِ كَانَ أَلْيَنَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رَأَى لِيْنَهُمْ، وَقُوَّةَ جَبَهِهِمْ ( أي اسْتِقْبَالُهُم.) لَهُ، جَعَلَ يُكَلِّمُهُمْ وَيَقُولُ:

"أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ أَظْهَرْ فَأَنْتُمْ بِالخِيَارِ"، فَقَالَ عَامَّتُهُمْ: مَا أَحْسَنَ هَذَا القَوْلَ، وَلَكِنَّا نَعْبُدُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، فَقَالَ أَصْغَرُ القَوْمِ: يَا قَوْمُ! اسْبِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ تُسْبَقُوا إِلَيْهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الكِتَابِ لَيُحَدِّثُونَ أَنَّ نَبِيًّا يَخْرُجُ مِنَ الحَرَمِ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، 

وَكَانَ فِي القَوْمِ إِنْسَانٌ أَعْوَرُ، فَقَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيَّ، أَخْرَجَتْهُ عَشِيرتُهُ وَتُؤْوُونَهُ أَنْتُمْ؟ تَحْمِلُونَ حَرْبَ العَرَبِ قَاطِبَةً، لَا، ثُمَّ لَا، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ حَزِينًا، فَانْصَرَفَ القَوْمُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَخَبَّرُوهُمْ،

 فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ مُخْطِئُونَ بِخَطَئِكُمْ لَوْ سَبَقْتُمْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ لَسُدْتُمْ العَرَبَ، وَنَحْنُ نَجِدُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِنَا، فَوَصَفَهُ لِلْقَوْمِ الذِينَ رَأَوْهُ، كُلُّ ذَلِكَ يُصَدِّقُونَهُ بِمَا يَصِفُ مِنْ صِفَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَجِدُ مَخْرَجَهُ بِمَكَّةَ، وَدَارَ هِجْرَتِهِ يَثْرِبَ، فَأَجْمَعَ القَوْمُ لِيُوَافُوهُ فِي المَوْسِمِ القِادِمِ، فَحَبَسَهُمْ سَيِّدٌ لَهُمْ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنْهُمْ .


٤ - قَبِيْلَةُ بَنِي حَنِيفَةَ:

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى بَنِي حَنِيفَةَ فِي مَنَازِرلهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ العَرَبِ أَقْبَبحَ عَلَيْهِ رَدًا مِنْهُمْ .


٥ - قَبِيلَةُ عَبْسٍ:

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ وَابِصَةَ العَبْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي مَنَازِلِنَا بِمِنًى، وَنَحْنُ نَازِلُونَ بِالجَمْرَةِ الأوْلَى التِي تَلِي مَسْجِدَ الخَيْفِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا خَلْفَهُ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَدَعَانَا، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَجَبْنَا لَهُ، وَلَا خَيْرَ لَنَا، 

قَالَ: وَقَدْ كُنَّا سَمِعْنَا بِهِ وَبِدُعَائِهِ فِي المَوْسِمِ، فَوَقَفَ عَلَيْنَا لَدْعُونَا، فَلَمْ نَسْتَجِبْ لَهُ، وَكَانَ مَعَنَا مَيْسَرَةُ بنُ مَسْرُوقٍ العَبْسِيُّ، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ صَدَّقْنَا هَذَا الرَّجُلَ وَحَمَلْنَاهُ حَتَّى نَحُلَّ بِهِ وَسَطَ رِحَالِنَا لَكَانَ الرَّأْيُ، فَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ أَمْرُهُ حَتَّى يَبْلُغَ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: دَعْنَا عَنْكَ لَا تُعَرِّضْنَا لِمَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، فَطَمعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي مَيْسَرَةَ، فكَلَّمَهُ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ: مَا أَحْسَنَ كَلَامَكَ وَأَنْوَرَهُ، وَلَكِنَّ قَوْمِي يُخَالِفُونَنِي، وَإِنَّمَا الرَّجُلُ بِقَوْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يعاونوه فَالعِدَا أَبْعَدُ، 

فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَخَرَجَ القَوْمُ عائدين إِلَى أَهْلِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ مَيْسَرَهُ: مِيلُوا بِنَا إِلَى فَدَكَ (هي قريةٌ بالحِجَازِ، بينها وبينَ المَدِينَةِ يومَانِ)، فَإِنَّ بِهَا يَهُودًا، نَسْأَلُهُمْ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَمَالُوا إِلَى يَهُودٍ، فَأَخْرَجُوا سِفْرًا (بكسر السِّين: هو الكتاب) لَهُمْ، فَوَضَعُوهُ، ثُمَّ دَرَسُوا ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّبِيِّ الأمِّيِّ العَرَبِيِّ، يَرْكَبُ الجَمَلَ، وَيَجْتَزِئُ بِالكِسْرَةِ، وَلَيْسَ بِالطَّوِيلِ وِلَا بِالقَصِيرِ، وَلَا بِالجَعْدِ (جعد الشعر أي ليس بمسترسل) وَلَا بِالسَّبِطِ ( الشعرالمُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ)، فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ، مُشْرَبُ ( الإشْرَابُ: هو خَلْطُ لونٍ بِلَونٍ) اللَّوْنِ،"عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه كان إذا وصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: كان عظيم الهامة، أبيض، مشربًا حُمْرةً."

 فَإِنْ كَانَ هُوَ الذِي دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَادْخُلُوا فِي دِينِهِ، فَإِنَّا نَحْسُدُهُ فَلَا نَتَّبِعُهُ، وَلَنَا مِنْهُ فِي مَوَاطِنَ بَلَاءٌ عَظِيْمٌ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ العَرَبِ إِلَّا اتَّبَعَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فكُونُوا مِمَّنْ يَتَّبِعُهُ، 

فَقَالَ مَيْسَرَةُ: يَا قَوْمُ! إِنَّ هَذَا الأمْرَ بَيِّنٌ، فَقَالَ القَوْمُ: نَرْجعُ إِلَى المَوْسِمِ فَنَلْقَاهُ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رِجَالُهُمْ، فَلَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِيْنَةَ، وَحَجَّ حَجَّةَ الوَدَاعِ، لَقِيَهُ مَيْسَرَةُ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا زِلْتُ حَرِيصًا عَلَى اتِّبَاعِكَ مِنْ يَوْمِ أَنَخْتَ بِنَا، حَتَّى كَانَ مَا كَانَ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا مَا تَرَى مِنْ تَأْخِيرِ إِسْلَامِي، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَالَ: الحَمْدُ للَّهِ الذِي اسْتَنْقَذَنِي بِكَ مِنْ النَّارِ


٦ - قَبِيلَةُ كَلْبٍ:

عن  مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ حُصيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى كَلْبًا فِي مَنَازِلهِمْ إِلَى بَطْنٍ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَبْدِ اللَّهِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لَهُمْ: "يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ"، فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ .


٧ - قَبِيلَةُ بَنِي شَيْبَانَ:

مِمَّنْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفْسَهُ جَمَاعَةً مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، فِيْهِمْ مَفْرُوقُ بنُ عَمْرٍو، وَهَانِئُ بنُ قَبِيصَةَ، وَالمُثَنَّى بنُ حَارِثَةَ، وَالنُّعْمَانُ بنُ شَرِيكٍ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الإِسْلَامِ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ القُرْآنَ، فَاسْتَحْسَنُوا قَوْلَهُ وَأَعْجَبَهُمْ مَا يَدْعُوا إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ اعْتَذَرُوا عَنْ نُصْرَتِهِ لِكَوْنِ كِسْرَى، قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِمْ عَهْدًا أَلَا يُحْدِثُوا حَدَثًا (الأمْرُ الحَادِثُ المُنْكَرُ الذِي لَيْسَ بِمُعْتَادٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ.) وَلَا يُؤْوُوا مُحْدِثًا، وَكَانَتْ أَرْضُهُمْ بجانب بِلَادَ فَارِسٍ .


٨ - قَبِيلَةُ بَنِي مُحَارِبٍ:

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: انتهَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى بَنِي مُحَارِبِ بنِ خَصْفَةَ، فَوَجَدَ فِيْهِمْ شَيْخًا ابنَ مائةِ سَنَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ، فكلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَدَعَاهُ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالة رَبِّهِ،

 فَقَالَ الشَّيْخُ: أَيّها الرَّجُلُ! قَوْمُكَ أَعْلَمُ بِنَبَئِكَ، وَاللَّهِ لَا يرجع بِكَ رَجُلٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا رجع بِشَرِّ مَا يرجع بِهِ أَهْلُ المَوْسِمِ، فَأَغْنِ عَنَّا نَفْسَكَ، وَإِنَّ أَبَا لَهَبٍ لقائِمٌ يَسْمَعُ كَلَامَ المُحَارِبِيِّ، ثُمَّ وَقَفَ أَبُو لَهَبٍ عَلَى المُحَارِبِيِّ فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَهْلُ المَوْسِمِ كُلُّهُمْ مِثْلَكَ لَتَرَكَ هَذَا الدِّيْنَ الذِي هُوَ عَلَيْهِ، إِنَّهُ صَابِئٌ (خارج عن ديننا) كَذَّابٌ، 

فَقَالَ المُحَارِبِيُّ، أَنْتَ وَاللَّهِ أَعْرَفُ بِهِ، هُوَ ابنُ أَخِيكَ، لُحْمَتُكَ (اللُّحْمَةُ بالضَّمِّ: القَرَابَةُ)، ثُمَّ قَالَ المُحَارِبِيُّ: لَعَلَّ بِهِ يَا أَبَا عُتْبَةَ لَمَمًا (جنونا)، فَإِنَّ مَعَنَا رَجُلًا مِنْ الحَيِّ يَهْتَدِي لِعِلَاجِهِ، فَلَمْ يَرْجعْ أَبُو لَهَبٍ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا رَآهُ وَقَفَ عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءَ العَرَبِ صَاحَ بِهِ أَبُو لَهَبٍ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَذَّابٌ .


نكمل معا في الحلقة القادمة إن شاء الله ونتعرف على الأفراد الذين عرض رسول الله عليهم نفسه لينصروه

تابعونا بارك الله فيكم 

الخميس، 8 ديسمبر 2022

رسول الله يعرض نفسه على القبائل





 بعد ما تأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم تصديق قريش له وإيمانهم به حتى بعد ما طلبوا منه أن يريهم معجزة فانشق القمر لهم ومع ذلك قالوا سحرنا محمد ! 

بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نفسه على القبائل لعله يجد مخرجا من مكة هو أصحابه 

وفي الحلقات السابقة تعرضنا لرحلته صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وكيف كذبه أهل الطائف ورموه بالحجارة هيا نكمل معا :


عَرْضُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ عَلَى القَبَائِلِ وَالأَفْرَادِ


قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مكَّةَ في السَّنَةِ العَاشِرَةِ لِلْبِعْثَةِ، في جِوَارِ المُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ، -وَذَلِكَ عِنْدَمَا رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ- وَقَوْمُهُ أَشَدُّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِهِ وَفِرَاقِ دِينِهِ، وَكَانَ مَوْسِمُ الحَجِّ في ذَلِكَ العَامِ قَد اقْتَرَبَ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَهَيَّاُ لِدَعْوَةِ قَبَائِلِ العَرَبِ إِلَى الإِسْلَامِ، كَمَا كَانَ شَأْنُهُ كُلَّ عَامٍ مُنْذُ أَنْ جَهَرَ بالدَّعْوَةِ في السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِلْبِعْثَةِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الأَمْرِ حَتَّى آخِرِ مَوْسِمٍ لِلْحَجِّ قَبْلَ هِجْرَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدِيْنَةِ، فَكَانَ كُلَّمَا اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ بالمَوْسِمِ أَتَاهُمْ يَدْعُو القَبَائِلَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ، وَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ اللَّهِ مِنَ الهُدَى وَالرَّحْمَةِ، وَيَسْأَلُهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ، وَيَمْنَعُوهُ حَتَّى يُبَيِّنَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ .


رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ عَشَرَ سِنِينَ يَتَّبَّعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلهمْ بِعُكَاظٍ ( عُكَاظٌ: هو مَوْضِعٌ بِقُرْبِ مكةَ، كَانَتْ تُقامُ بِهِ في الجَاهِليّةِ سُوقٌ يُقيمونَ فيهِ أيّامًا.) 

وَمِجَنَّةٍ (هو مَوْضِعٌ بأسْفَلِ مكةَ على أمْيالٍ، وَكَانَ يُقامُ بها للعربِ سُوقًا)، وَفِي المَوَاسِم بِمِنًى، يَقُولُ: "مَنْ يُؤْوِينِي؟ مَنْ يْنُصُرُنِي؟ حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالةَ رَبِّي، وَلَهُ الجَنَّةُ"،

حتى كان الناس يحذرون أهلهم إذا أرادوا السفر لمكة يقولون احذروا فتى قريش من أن يفتنكم لما كانت قريش تقوله عن النبي لكل من جاء إليهم 


وَرَوَى أَبُو دَاودَ وابنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي المَوْقِفِ (موسم الحج)، فَيَقُولُ: "أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُوني أَنْ أُبَلغِّ كَلَامَ رَبِّي" 


* شِدَّةُ عَدَاوَةِ أَبِي لَهَبٍ لِلإِسْلَامِ:


وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كُلَّمَا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى الإِسْلَامِ تَبِعَهُ عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ وَرَاءَهُ يَرْمِيْهِ بِالحِجَارَةِ.


فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ عِبَادٍ الدَّيْلِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَصَرَ عَيْنِي بِسُوْقِ ذِي  المَجَازِ (موضعُ سُوقٍ لمكة في الجاهلية ) يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، تُفْلِحُوا"، وَيَدْخُلُ فِي فِجَاجِهَا ( جمعُ فَجٍّ، وهو الطريقُ الوَاسِع)، وَالنَّاسُ مُتَقَصِّفُونَ (مُجْتمعون عليه) عَلَيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَقُولُ شَيْئًا، وَهُوَ لَا يَسْكُتُ يَقُولُ: "أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا"، إِلَّا أَنَّ وَرَاءَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ (الحَوَلُ: هو عَيْبٌ في العين مَعروف) وَضِيْءُ الوَجْهِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ . فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَذْكُرُ النُّبُوَةَ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا الذِي يُكَذِّبُهُ؟ قَالُوا: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ .


* القَبَائِلُ التِي عَرَضَ عَلَيْهَا الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِسْلَامَ:


مِنَ القَبَائِلِ الذِيْنَ أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: بَنُو عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَمُحَارِبِ بنِ خَصْفَةَ، وَبَنُو فِزَارَةَ، وَغَسَّانٍ، وَبَنُو مُرَّةَ، وَبَنُو حَنِيفَةَ، وَبَنُو سُلَيْمٍ، وَبَنُو عَبْسٍ، وَبَنُو نَصْرٍ مِنْ هَوَازِنَ، وَبَنُو البُكَاءِ، وَكِنْدَةٍ، وَكَلْبٍ، وَبَنُو الحَارِثِ بنِ كَعْبٍ، وَبَنُو عُذْرَةَ، وَهَمَدَانَ، وَثَقِيفٍ .


١ - قَبِيلَةُ هَمَدَانَ:


رَوَى الإِمَامَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالمَوْقِفِ، فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمهِ؟ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي".


فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ هَمَدَانَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِمَّنْ أَنْتَ؟ ".

قَالَ: مِنْ هَمَدَانَ.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَهَلْ عِنْدَ قَوْمِكَ مِنْ مَنَعَةٍ؟ ".

قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَشِيَ أَنْ يخذله قَوْمُهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُ: آتِيْهِمْ فَأُخبِرُهُمْ، ثُمَّ آتِيْكَ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ"، فَانْطَلقَ، وَجَاءَ وَفْدُ الأنْصَارِ فِي رَجَبَ 


٢ - قَبِيلة بَنِي عَامِرِ بنِ كلَ معْصَعَةَ:


قَالَ ابنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى بَنِي عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: بَيْحَرَةُ بنُ فِرَاسٍ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَخَذْتُ هَذَا الفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ لأكَلْتُ بِهِ العَرَبَ، ثُمَّ قَالَ للنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَرَأَيْتَ إِنْ نَحْنُ تَابَعْنَاكَ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ عَلَى مَنْ خَالفَكَ، أَيَكُونُ لَنَا الأمْرُ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأمْرُ إِلَى اللَّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ".


فَقَالَ لَهُ بَيْحَرَةُ بنُ فِرَاسٍ: أنقاتل العرب من أجلك، فَإِذَا أَظْهَرَكَ اللَّهُ كَانَ الأمْرُ لِغَيْرِنَا؟ لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِكَ، ورفضوا دعوته 


فَلَمَّا رجعوا إلى بلادهم النَّاسُ رَجَعَتْ بَنُو عَامِرٍ إِلَى شَيْخٍ لَهُمْ،كبير في السن، لم يستطع الذهاب معهم  فكَانُوا إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِ حَدَّثُوهُ بِمَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ المَوْسِمِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ العَامَ سَأَلَهُمْ عَمَّا كَانَ فِي مَوْسِمِهِمْ، فَقَالُوا: جَاءَنَا فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، يَدْعُونَا إِلَى أَنْ نَمْنَعَهُ، وَنَقُومَ مَعَهُ، وَنَخْرُجَ بِهِ إِلَى بِلَادِنَا.

فَوَضَعَ الشَّيْخُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا بَنِي عَامِرٍ! هَلْ لَهَا مِنْ تَلَافٍ؟ هَلْ لِذُنَابَاهَا مِنْ مَطْلَبٍ (يقول هذا ندما على ما فعلوه كان يتمنى لو قبلوا عرض النبي )؟ وَالذِي نَفْسُ فُلَانٍ بِيَدِهِ، مَا تَقَوَّلَهَا إِسْمَاعِيلِيٌّ (أي: ما ادَّعَى النُّبَوُّةَ كَاذبًا أَحَدٌ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ) قَطُّ، وَإِنَّهَا لَحَقٌّ، فَأَيْنَ رَأْيُكُمْ كَانَ عَنْكُمْ .

وفي الموقف السابق دلالة قوية على صدق دعوة رسول الله فلو كان يطلب الملك أو الجاه لقال لهم إن الأمر لكم من بعدي وكانوا سينصرونه حتى إذا اتم له ما أراد رجع في وعوده ونسي ما قال لهم وَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَغَيْرِهَا، وَمَا بَيْنَ الدَّاعِي إِلَى الحَقِّ وَطَالِبِ الدُّنْيَا


رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرِنِي الخَاتَمَ الذِي بَيْنَ كَتِفَيْكَ (هو خَاتَمُ النُّبُوَّةِ الذي بَيْنَ كَتِفَي النّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم)، فَإِنِّي مِنْ أَطَبِّ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَا أُرِيكَ آيَةً؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: فنَظَرَ إِلَى نَخْلَةٍ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادْعُ ذَلِكَ العَذْقَ" (النَّخْلَةُ). قَالَ: فَدَعَاهُ، فَجَاءَ يَنْقُزُ ( نَقَزَ: أي وَثَبَ) حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْجعْ". فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ، فَقَالَ العَامِرِيُّ: يَا آلَ بَنِي عَامِرٍ، مَا رَأَيْتُ سحرا كما رأيت اليوم ! 

نكمل معا في الحلقة القادمة باقي القبائل التي عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه عليه .تابعونا بارك الله فيكم 


السبت، 5 نوفمبر 2022

انشقاق القمر معجزة النبي وعلامة للساعة

 انشقاق القمر 



قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: انْشِقَاقُ القَمَرِ مِنْ أُمَّهَاتِ مُعْجِزَاتِ نَبِيِّنَا -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدْ رَوَاهَا عِدَّةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مَعَ ظَاهِرِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ وسِيَاقِهَا

وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فِي زَمَانِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-

رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ (جبلٌ معروف بمكة.) بَيْنَهُمَا.


 وَرَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْد اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: انْشَقَّ القَمَرُ ونَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمِنًى  فَقَالَ: "اشْهَدُوا" ، وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الجَبَلِ.


ورَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ والإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- آيَةً، فَانْشَقَّ القَمَرُ ، فَقَالَ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ  وَإِنْ يَرَوْا آيَةً  يُعْرِضُوا  وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} .


وروى الإمام أحمد عن ابن مطعم عن أبيه قال: انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصار فرقتين: فرقة على هذا الجبل وفرقة على هذا الجبل، فقالوا: سَحَرَنا محمد. فقالوا: إن كان سَحَرَنَا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.

 

وعن ابن عباس قال: كشف القمر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقالوا: سحر القمر. فنزل قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمْرُ. وَإِنْ يَرَوا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِر) (القمر:1 ـ2). ولقد كان ابن مسعود يردِّد قوله: لقد انشق القمر. وحينما انشق القمر وقال الكافرون: سحرنا محمد.

 

قال بعضهم: إن كان قد سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فاسألوا أهل الآفاق وأهل الأسفار هل رأوا ذلك فلما سألوهم قالوا: نعم رأينا.

 

ولقد كان كفار قريش يظنون أن كل معجزة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي يصنعها ويأتي بها، وليس الله هو الذي يأتي بها، فأرادوا أن يتحدوه فطلبوا منه آية سماوية. واتفقوا على انشقاق القمر، وتواعدوا معه على ليلة فلما جاء الميعاد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: انظروا، فنظروا جميعًا فرأَوْا أن القمر انشق شقتين، نزلَتْ كلُّ واحدة وحدها، فقال ـ صلى الله عليه وسلم: اشهدوا. فقالوا: لقد سحر الأرض والسماء، إن هذا سحر مستمر.


وانشقاق القمر من علامات الساعة الصغرى التي حدثت في زمن النبي عليه الصلاة والسلام 

ومع أن قريشا رأوا انشاق القمر بأعينهم إلا أنهم كذبوا واستكبروا وقالوا سحر مستمر 

وتأكد رسول الله حينئذ أنهم لن يؤمنوا فبدأ بعرض نفسه على القبائل من خارج مكة عله يجد منهم نصيرا أو يجعل الله له مخرجا من مكة 

فماذ حدث بعد ذلك هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة إن شاء الله 

الخميس، 20 أكتوبر 2022

هل صدقت قريش الرسول في إسرائه ومعراجه؟


 

هَلْ صَدَّقَتْ قُرَيْشٌ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي إِسرَائِهِ ومِعْرَاجِهِ؟

رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ، وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، . . . إلى آخر الحديث

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمَّا كَانَ لَيْلةَ أُسرِيَ بِي، وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، . . . عَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ، فَقَعَدْتُ مُعْتَزِلًا حَزِينًا، فَمَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيَّ".فَقَالَ كَالمُسْتَهْزِئِ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟

قُلْتُ: "نَعَمْ".

قالَ: مَا هُوَ؟

قُلْتُ: "إِنَّهُ أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ".

قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟

قُلْتُ: "إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ".

قَالَ: ثُمَّ أصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا (أي بيننا) ؟

قُلْتُ: "نَعَمْ".

فَلَمْ يُرِهِ أَنْ يُكَذِّبَهُ؛ مَخَافَةَ إِنْ يَجْحَدَهُ الحَدِيثَ إِذَا دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ أتُحَدِّثُهُمْ بِمَا حَدَّثْتَنِي؟ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ".

فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ: هَيَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ! فَانْفَضَّتْ إِلَيْهِ المَجَالِسُ، وجَاؤُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي يَا مُحَمَّدُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلةَ".

قَالوا: إِلَى أَيْنَ؟

قَالَ: "إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ"

قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا؟

قَالَ: "نَعَمْ".

فَضَجَّ المُشْرِكُونَ وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ، فَصَارَ بَعْضُهُمْ يُصَفِّقُ، وَبَعْضُهُمْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ تَعَجُّبًا .

وَكَانَتْ فِتْنَةً عَظِيمَةً، ارْتَدَّ بَعْضُ مَنْ أسْلَمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} (سورة الإسراء).

 مَوْقِفُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه-:

ذَهَبَ النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالُوا: هَلْ لَكَ يَا أبَا بَكْرٍ فِي صَاحِبِكَ؟ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَصَلَّى فِيهِ، وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ.

فَقَالَ: إنَّكُمْ تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: بَلَى، هَا هُوَ ذَاكَ فِي المَسْجِدِ، يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ قَالَهُ لَقَدْ صَدَقَ، فَقَالُوا: أَوَتُصَدِّقه أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَمَا يُعْجِبُكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟

إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءَ يَأْتِيهِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ، فَهَذَا أَبْعَدُ مِمَّا تَعْجَبُونَ مِنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَحَدَّثْتَ هَؤُلَاءِ القَوْمَ أَنَّكَ جِئْتَ بَيْتَ المَقْدِسِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟

قَالَ: "نَعَمْ".

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ

فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي بَكْرٍ: "وَأَنْتَ يَا أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ"، فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ الصِّدِّيق


طَلَبُ قُرْيَشٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَصِفَ لَهُمْ بَيْتَ المَقْدِسِ:

قَالُوا: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصِفَ لَنَا بَيْتَ المَقْدِسِ، وَفِي القَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ البَلَدِ، وَرَأَى المَسْجِدَ.

فَقَامَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ  وَقَالَ: أنَا أعْلَمُ النَّاسِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، وَكَيْفَ بِنَاؤُهُ، وكَيْفَ هَيْئَتُهُ، فَإِنْ يَكُنْ مُحَمَّد صَادِقًا فَسَأُخْبِرُكُمْ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَسَأُخْبِرُكُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ فَأَخْبِرْنِي كَيْفَ بِنَاؤُهُ وكَيْفَ هَيْئتُهُ؟ .

يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الحِجْرِ، وقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلتْنِي عَنْ أشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فكُرِبْتُ كُرْبَة مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ" (صحيح مسلم ).


وَفِي رِوَايَةِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَجَلَّى (أظهر) اللَّهُ لِيَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ (فبدأت) أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ نَعْتِهِ قَالَ المُشْرِكُونَ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ

فَعَجِبَ الكُفَّارُ لَمَّا عَرَفُوا صِدْقَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا نُفُورًا وَطُغْيَانًا كَبِيرًا


 مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ:

لَمَّا أَصْبَحَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ، وَأَوْقَاتَهَا .

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فنَادَى بِأَصْحَابِهِ: الصَّلَاةُ جَامِعَة، فَاجْتَمَعُوا، فَصَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ، وَصَلَّى الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالنَّاسِ، وسُمِّيَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ الظُّهْرَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ، أَوْ لِأَنَّهَا فُعِلَتْ عِنْدَ قِيَامِ الظَّهِيرَة .

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ والحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ العَصْرُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى العَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ أَوْ قَالَ: صَارَ ظِلُّهُ مِثْلُهُ، ثُمَّ جَاءَهُ المَغْرِبَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ العِشَاءَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ جَاءَهُ الفَجْرَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ بَرَقَ الفَجْرُ أَوْ قَالَ: حِين سَطَعَ الفَجْرُ، ثُمَّ جَاءَهُ فِي الغَدِ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْعَصْرِ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى العَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَزَلْ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَ لِلْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَوْ قَالَ: ثُلُثُ اللَّيْلِ فَصَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْفَجْرِ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الفَجْرَ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ أي وقت الصلاة. 


 فُرِضَتِ الصَّلَاةُ الرُّبَاعِيَّةُ رَكْعَتَانِ:

كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَمَا فُرِضَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ رَكْعَتَيْنِ: الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالعِشَاءَ وَالفَجْرَ، وَالمَغْرِبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ هَاجَرَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى المَدِينَةِ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَذَلِكَ بَعْدَ مَقْدَمِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى المَدِينَةِ، وتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في صحِيحَيْهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ  فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ

  الصَّلَاةُ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ المَقْدِس

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ  عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، والكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَعْدَمَا هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ تحولت القبلة إلى الكَعْبَةِ


ثم حدثت لرسول الله معجزة أخرى وهي انشقاق القمر 

لنتعرف عليها في الحلقة القادمة إن شاء الله تابعونا بارك الله فيكم


 الحلقة التالية 👈  هنا  



الاثنين، 26 سبتمبر 2022

هل رأى رسول الله ربه رأى العين في رحلة المعراج

 رحلة الإسراء والمعراج الجزء السابع 


توقفنا في الحلقة السابقة 
عند صعود رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى سدرة المنتهى التي يتوقف عندها عروج جميع الخلق وهناك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية مرة أخرى عظيم الخلقة له ستمائة جناح


ثُمَّ نَظَرَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَوَجَدَهُ كَالحِلْسِ (وهو البِسَاطُ والحَصِيرُ) البَالِي مِنْ خَشْيَةِ الله ، ثُمَّ غَشِيَتْ تِلْكَ السِّدْرَةَ سَحَابَةٌ، فتَأَخَّرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ،


وعُرِجَ بِالرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى وَصَلَ إِلَى مُسْتَوًى سَمعَ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ (أي صوت أقلام الملائكة التي تكتب مقادير الخلق في اليوم والليلة يستنسخونها من اللوح المحفوظ) ، قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوْسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ"، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟

فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلِّ يَوْمٍ".

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ارْجعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، وإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وعَالَجْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ أشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْاَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا"، فَقُلْتُ: "حَطَّ عَنِّي خَمْسًا"، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجعْ إِلَى رَبِّكَ فَسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَمْ أَزَلْ أَرْجعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وبيْنَ مُوسَى"، حَتَّى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تَكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ( وهذا دليل على أَنَّ اللَّه سبحانه وتَعَالَى كلَّمَ نبيَّهُ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةَ الإسراءِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ).

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: فنَزَلْتُ حَتَّى انتهَيْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرتهُ، فَقَالَ: ارْجعْ إِلَى رَبِّكَ فَسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْه".

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَانِي مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي" (صحيح البخاري )

 مَا خُصَّ بِهِ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأمتُهُ:

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . فَأُعْطِيَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلَاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وأُعْطِيَ خَوَاتِمَ سُورَةِ البَقَرَةِ، وغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا، المُقْحِمَاتُ 

المُقْحِمَاتُ: الذُّنوبُ العَظَائِمُ الكبائرُ التي تُهْلِكُ أصحابَهَا وتُورِدُهُمُ النارَ وتُقْحِمُهُم إياهَا، والتَّقَحُّمُ الوُقُوع في المهالكِ، ومعنى الكلام: من مَاتَ من هذه الأمة غير مشركٍ باللَّه غفر له المُقْحِمَات

والمراد واللَّه أعلم بغُفْرَانها أنه لا يخلُدُ في النار بخلافِ المشركين، وليس المرادُ أنه لا يُعَذَّبُ أصلًا، فقد تقرَّرَتْ نصُوصُ الشَّرعِ، وإجماعُ أهل السنة على إثبات عذابِ بعضِ العُصَاة من المُوَحِّدِينَ


 هَلْ رَأَى الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَبَّهُ لَيْلةَ الْإِسْرَاءِ؟

اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي رُؤْيَةِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ والمِعْرَاجِ، فَرَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا أُمِّتَاهُ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ (أي وقف من الفَزَع ) شَعْرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ (أي كيفَ يَغِيبُ فَهمُكَ عن هذه الثلاث؟ ) مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ:

مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- رَأَى رَبَّهُ؟ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (سورة الأنعام)، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (سورة الشورى).

وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ {. . . وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} (سورة لقمان).

وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- كتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَت {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (سورة المائدة).


وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صحِيحِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قال: "نُورٌ أَنَّى أرَاهُ" (أي كان هناك نور فكيف لي أن أراه ).


عَوْدَةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى مَكَّةَ وإِخْبَارُهُ النَّاسَ بِمَسْرَاهُ:

ثُمَّ هَبَطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ السَّمَاوَاتِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى،وقد حان وقت الصلاة فصلى النبي بالأنبياء إماما وقد اجتمعوا تكريما له. ثُمَّ رَكِبَ البُرَاقَ مُنْصَرِفًا إِلَى مَكَّةَ بِصُحْبَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، ثُمَّ أَتَى مَكَّةَ قَبْلَ الصُّبْحِ.
".

فماذا فعل النبي بعد ذلك وكيف أخبر قريش بأمر الرحلة وهل صدقوه.؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة إن شاء الله 
تابعونا بارك الله فيكم

 الحلقة التالية 👈  هنا 

الخميس، 15 سبتمبر 2022

دخول الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة وما رآه فيها

 رحلة الإسراء والمعراج الجزء السادس




 دُخُولُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الجَنّةَ وَمَا رَآهُ فِيهَا:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا حبَايِلُ  اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ" .. . وإِذَا أنَا بِأَنْهَارٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ (يعني الصَّافي الذي لا كَدَرَ فيه)، وأنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ( في غايةِ البَيَاض والحلاوَةِ والدُّسُومَةِ)، وأنْهَارٍ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (ليست كَرِيهَةَ الطعم والرائحَةِ، كخمرِ الدُّنيا، بل هي حَسَنة المَنْظر والطعْمِ والرَّائحة والفعل)، وأنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى (أي في غايَةِ الصَّفَاءِ، وحُسْنِ اللَّوْنِ والطَّعْمِ والرَّيح.)، وإِذَا رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلَاءُ (معرُوفةٌ، وهي التي يُسْتَقَى بها) عِظَمًا، وإِذَا أنَا بِطَيْرٍ كَالَبخَاتِي (البَخَاتِي والبُخْتُ: هي جِمَالٌ طِوَالُ الأعنَاق) هَذِهِ"، فَقَالَ عِنْدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ يُحَدِّثُ أصْحَابَهُ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ"


رُؤْيَةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهْرَ الكَوْثَرِ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَمَا أنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، وَإِذَا أنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَب، ومَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَاليَاقُوتِ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ العَسَلَ وأَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ" 

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤلُؤِ مُجَوَّفًا" 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلِى مَا يَجْرِى فِيهِ المَاءُ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ ( أي طيِّبُ الرَّائحة، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ" 


 صَوْتُ بِلَالٍ -رضي اللَّه عنه- فِي الجَنَّةِ

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودَخَلَ الجَنَّةَ، فَسَمِعَ فِي جَانِبِهَا وَجْسًا ( هو الصَّوْتُ الخَفِيّ)، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلَالٌ المُؤَذِّنُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: "قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ" 

وَرَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا بِلَالُ! حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الإِسْلَامِ مَنْفَعَةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلةَ خَشْفَ ( الحس والحركة) نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ".

قَالَ بِلَالٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا فِي الإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً، مِنْ أَنِّي لَا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا، فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ، مَا كتَبَ اللَّهُ لِي أَنْ أُصَلِّيَ


 عَرْضُ الآنِيَةِ عَلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ رُفِعَ لِيَ البَيْتُ المَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٌ، فَأَخَذْتُ الذِي فِيهِ اللَّبَنَ، فَشَرِبْتُ"

فَقِيلَ لِي: هِيَ الفِطْرَةُ التِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ

وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ، قَالَ: أصبت الفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ 


 انْتِهَاءُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى سِدْرَة المُنْتَهَى:

ثُمَّ انْطَلَقَ جِبْرِيلُ بِالرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى سِدرَةِ المُنْتَهَى.

): اختيرت السِّدْرَةُ دون غيرها؛ لأن فيها ثلاثُ أوصافٍ: ظِلٌّ مَمْدُود، وطعَامُ لَذِيذٌ، ورائحةٌ زَكِيَّةٌ، فكانت بِمَنزلة الإيمان الذي يَجْمَعُ القولَ والعملَ والنِّيةَ، والظل بمنزلةِ العمل، والطعمُ بمنزلةِ النية، والرائحةُ بمنزلة القَوْل.

يقال: إن أصلَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى في السماء السادسة، وأغصانُهَا وفروعُهَا في السماء السابعة.

قال عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: وسُمِّيَتْ سَدْرَةَ المُنْتَهَى؛ لأن إليها يَنْتَهي ما يُعْرَجُ به من الأرض، 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ". . . ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا (هو ثَمَرُ السِّدْرِ) كَأَنَّهُ قلَالُ (القِلالُ بالكسر جمعُ قُلَّة بالضم وهي الجِرَارُ، يريد أن ثمرها في الكِبَر مثل القِلَال) هَجَرَ (هَجَر: هي مدينةٌ الإحسَاء)، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الفِيَلَةِ، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ ( أي تَعْلُوها) لَا أَدْرِي مَا هِيَ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصِفَهَا مِنْ حُسْنِهَا" فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيهِ السَّلَامُ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ "

قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ 


* رُؤْيَةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى صُورَتِهِ الحَقِيقِيَّةِ:

وَهُنَاكَ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى رَأَى -صلى اللَّه عليه وسلم- جبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الصُّورَةِ التِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا، فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الأُفُقَ، يَتَنَاثَرُ مِنْ أَجْنِحَتِهِ التَّهَاوِيلُ، والدُّرُّ واليَاقُوتُ  (أي الأشياء المختلفَةُ الألوانِ، أرادَ بالتهَاويلِ، تَزَايِينُ رِيشِهِ وما فيه من صُفْرَةٍ وحُمْرَةٍ وبياضٍ وخُضْرَةٍ،) 


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا المَشْهَدِ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى  (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى  لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}

سورة النجم

، ومعنى{ما زَاغَ الْبَصَرُ}: ما ذهب يمينًا ولا شمالًا، {وَمَا طَغَى}، قال: ما جاوز

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، والإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ: قُلْتُ: ألَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} ( سورة التكوير)، وَقَالَ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ( سورة النجم)، قَالَتْ: أنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْهَا، فَقَالَ: "إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ". لَمْ يَرَهُ فِي صُورَتِهِ التِي خُلِقَ عَلَيْهَا إِلَّا مَرَّتَيْنِ: رَآهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءَ وَالأَرْضِ

نكمل في الحلقة القادمة ان شاء الله ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وماذا فرض الله عليه 

تابعونا بارك الله فيكم


  الحلقة التالية 👈  هنا



الخميس، 8 سبتمبر 2022

رحلة النبي عليه الصلاة والسلام إلي السماوات السبع

رحلة الإسراء والمعراج الحلقة الخامسة 

انتهينا في الحلقة السابقة من المشاهد التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السماء الدنيا نكمل معنا الرحلة المباركة 



صُعُودُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ:

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ"، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ:وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِابْنَيِ الخَالَةِ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا، وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ". 

فَقَالَ: جِبْرِيلُ: هَذَا يَحْيَى ، وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّا.

ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ.

 جاء في وصفِ عِيسَى عليه السلام، ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أسرى به: ". . . ولَقِيتُ عِيسَى عليه السلام رَبْعَة أحمَرُ، كأنه أُخرِجَ من دِيمَاسٍ"، يعني الحَمَّام. 

رَبْعَة: يعني ليس بطوِيل جدًا، ولا قَصِير جدًا بل وسط.

والمرادُ من ذلك وصفه عليه السلام بصَفَاءِ اللونِ ونَضَارَة الجسم، وكَثْرَةِ ماءِ الوجه حتى كأنه كان في.. حمَّام، فخرج منه وهو عَرْقَان.

 صُعُودُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ:

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءَ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ"، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ: جِبْرِيل.فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ،قَالَ: مُحَمَّدٌ.

 فَقِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟قالَ: نَعَمْ

قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ".

قَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ

ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.

يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ".


 صُعُودُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ".

 فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟قَالَ: جِبْرِيلُ

فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟قَالَ: مُحَمَّدٌقَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ

قَالَ: نَعَمْ.  قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِإِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلامُ".

قَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ.

فَرَدَّ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.

ثُمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}

 صُعُودُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ:

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ".

 فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟قالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟قَالَ: مُحَمَّدٌ

 قَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟قالَ: نَعَمْ قيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِهَارُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ".

قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ....

 يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأي كَهْلٌ أبيض الرأس واللحية، لم يرَ كهلًا أجمل منه، فقال: من هذا يا جبريل"؟ قال هذا المحبب في قومه هارون عليه السلام 


 صُعُودُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ:

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ".

 فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟قالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.

قالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟قَالَ: نَعَمْ.

قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ.

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ".

قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ.

وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.

وَصَفَ رَسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى بنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ رَجُلٍ آدَمَ (الأدمة السُمرة الشديدة) طِوَالٍ جَعْدٍ (وأما الجَعْدُ في صِفَة موسى عليه السلام: هو اكتِنَازُ الجِسْمِ، واجتماعُهُ) كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ" ( شنوءة قبيلة في اليمن يمتاز رجالها بالطول والسُمرة)

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: فَلَمَّا تَجَاوَزْتُهُ بَكَى.

قيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟

قَالَ: أَبْكِي ؛ لِأَنَّ غُلَامًا (لم يقصد التقليل من شأنه وإنما صغر سنه مع ما فيه من الكرامة) بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي.

: قال العُلَماءُ: لم يَكُنْ بُكَاءُ مُوسَى عليه السلام حَسَدًا، مَعَاذَ اللَّهِ، فإن الحَسَد في ذلك العالم مَنْزُوعٌ عن آحادِ المؤمنين، فكيفَ بمَنِ اصطَفَاه اللَّه تَعَالَى، بل كان أسَفًا على ما فاتَهُ من الأجْرِ الذي يترتَّبُ عليه رفعِ الدَّرَجَةِ بسببِ ما وقع من أمَّته من كثرَةِ المُخَالفَةِ المُقْتَضِيَةِ لتَنْقِيصِ أجُورِهم المستَلْزِم لتنقِيص أجْرِهِ؛ لأن لكل نَبِيٍّ مِثْلُ أجرِ كلِّ من اتَّبعه، ولهذا كان من اتَّبعه من أمته في العدد دُون من اتبع نبينا محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- .

 صُعُودُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ:

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ".

فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ.  فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟

قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَقَدْ أُرْسلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ.

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى البَيْتِ المَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألفَ مَلَكٍ، لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ

فَقَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ إبْرَاهِيمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ.

ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ .

رَوَى الإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَالإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ المَاءِ، وأنَّهَا قِيعَانٌ (جمعُ قاعٍ، أي: أرضٌ مُستوِيةٌ مُتساويَةٌ )، وأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ.للَّهِ، وَلَا إِلَهِ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ" 

نكمل معا في الحلقة القادمة إن شاء الله ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى وكيف وصف الجنة عندما رآها 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحلقة التالية 👈  هنا    





الخميس، 1 سبتمبر 2022

رحلة الإسراء والمعراج الجزء الرابع

رحلة المعراج


 انتهينا في الحلقة السابقة من المشاهد التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء رحلة الإسراء وبعدما وصل إلى المسجد الأقصى صلى ركعتين. 

 صُعُودُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي المِعْرَاجِ إِلَى السَّمَاوَاتِ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ". . . ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي -أَيْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَعَرَجَ (العروج هو الصعود) بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِخَازِنِ 
السَّمَاءِ: افْتَحْ" . فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: جِبْرِيلُ.
قَالَ: وَمَنْ مَعَكَ؟.
قَالَ: مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم
فَقَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إليه ( أي أرسل إليه للإسراء وصُعُود السموات؟ وليس السؤال عن البعثة
: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِه، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ لنا
قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَنْ يَمِينهِ أسْوِدَةٌ ( أشخاص ) وَعَن يَسَاور أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ"؟
قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَام 
ثُمَّ قَالَ: مَرْحبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ:
 وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ 
(جمع نَسَمة وهي الروح)، فَأَهْلُ 
اليَمِينِ أَهْلُ الجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ التِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَل يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى 

 المَشَاهِدُ التِي شَاهَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا

 - حَالُ أَكَلَةِ أمْوَالِ اليَتَامَى ظُلْمًا

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمَّا دَخَلْتُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا. . . رَأَيْتُ رِجَالًا لَهُمْ مَشَافِرُ (جمع مِشْفَر، والمِشْفَرُ للبعيرِ كالشَّفَةِ للإنسان) كَمَشَافِرِ الإِبِلِ، فِي أَيْدِيهِمْ قِطَعٌ مِنْ نَارٍ كَالأَفْهَارِ (الأفْهَارُ: جمع فِهْرٍ، وهو الحَجَرُ مِلْءُ الكف) يَقْذِفُونَهَا فِي أَفْوَاهِهِمْ فَتَخْرُجُ مِنْ أدْبَارِهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ ".
قَالَ: هَؤُلَاءِ، أَكَلَةُ أمْوَالِ اليَتَامَى ظُلْمًا

 حَالُ النِّسَاءِ اللَّاتِي يُدْخِلْنَ عَلَى الأَزْوَاجِ مَا لَيْس مِنْهُم

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ رَأَيْتُ نِسَاءً مُعَلَّقَاتِ بِثَدْيِهِنَّ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءَ يَا جِبْرِيلُ؟ ".
قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي أَدْخَلْنَ عَلَى الرِّجَالِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ 

  حَالُ المُغْتَابِينَ 
 الغِيبة فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
 فقال"أتَدْرُون ما الغِيبَةُ؟ "، قَالُوا: اللَّهُ ورسوله أعلم، قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذِكْرُكَ أخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ".

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِه، وأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمِشُونَ (يَخْدِشُونَ) وُجُوهَهُمْ وصُدُروَهُمْ،
 فَقُلْتُ، مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ ".
قَالَ: هَؤُلَاءِ الذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، ويَقَعُونَ فِي أعْرَاضِهِمْ .

حَالُ الزُّنَاةِ

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ رَأَيْتُ رِجَالًا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ سَمِينٌ طَيِّبٌ، إِلَى جَنْبِهِ لَحْمٌ غَثٌّ (الضَّعيف المَهْزُول) مُنْتِنٌ (رائحته كريهة) ، فَيَأْكُلُونَ مِنَ الغَثِّ المُنْتِنِ، ويَتْرُكُونَ السَّمِينَ الطَّيِّبَ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ ".
قَالَ: هَؤُلَاءِ الذِينَ يَتْرُكُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ، وَيَذْهَبُونَ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُنَّ 

 حَالُ أَكلَةِ الرِّبَا

قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ رَأَيْتُ رِجَالًا لَهُمْ بُطُونٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ
وَفِي رِوَايَةٍ: "بُطُونُهُمْ أَمْثَالُ البُيُوتِ بِسَبِيلِ ( السبيل هو الطريق) آلِ فِرْعَوْنَ يَمرُّونَ عَلَيْهِمْ كَالإِبِلِ المَهْيُومَةِ (الهُيَامُ: هو دَاءٌ يُشْبِهُ الحُمَّى يأخذُ الإبلَ فيُكْسِبُهَا العَطَشَ الشَّديدَ، فتَهِيمُ في الأرض لا تَرْوَى ولا تَرْعى حتى تَهْلِكَ) حِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ، يَطَؤُونَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ "، قَالَ: هَؤُلَاءَ أَكَلَةُ الرِّبَا


ثم صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء الثانية فماذا رأى فيها 
تابعونا في الحلقة القادمة إن شاء الله 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  الحلقة التالية 👈 هنا