الجمعة، 20 يناير 2023

يوم بعاث وبدء إسلام الأنصار

 

نكمل معا باقي الأفراد الذين عرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام 

إِسْلَامُ إِيَاسِ بنِ مُعَاذٍ:

كَانَ إِيَاسُ بنُ مُعَاذٍ غُلَامًا حَدَثًا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ، قَدِمَ مَكَّةَ فِي وَفْدِ الأوْسَ يَلْتَمِسُونَ الحِلْفَ (المساندة والمساعدة) مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنْ الخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قُبَيْلَ حَرْبِ بُعَاثٍ، فنَزَلُوا عَلَى عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، فَأَكْرَمَهُمْ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ وَإِلَى قُرَيْشٍ أَنْ يُحَالِفُوهُمْ عَلَى قِتَالِ الخَزْرَجِ، فَسَمعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَتَاهُمْ وَجَلَسَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ فِي خَيْرٍ مِمَّا جِئتمْ لَهُ؟ فَقَالُوا لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟

قَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي إِلَى العِبَادِ، أَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الكِتَابَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمُ الإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسُ بنُ مُعَاذٍ: أَيْ قَوْمُ! هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ.

فَأَخَذَ أَبُو الحَيْسَرِ، وَاسْمُهُ أَنَسُ بنُ رَافِعٍ حَفْنَةً (مِلْءُ الكَفِّ) مِنْ تُرَابِ البَطْحَاءِ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَ إِيَاسِ بنِ مُعَاذٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا، مَا قَدِمَ وَفْدٌ إِذًا عَلَى قَوْمٍ بِشَرِّ مِمَّا قَدِمْنَا بِهِ عَلَى قَوْمِنَا، إِنَّا خَرَجْنَا نَطْلُبُ حِلْفَ قُرَيْشٍ عَلَى عَدُوِّنَا، فنَرْجعُ بِعَدَاوَةِ قُرَيْشٍ مَعَ عَدَاوَةِ الخَزْرَجِ،

 فَصَمَتَ إِيَاسٌ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْهُمْ، وَانْصَرَفُوا إِلَى المَدِينَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الأوْسِ وَالخَزْرَجِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ، وَكَانَ يُهَلِّلُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُكَبِّرُهُ، وَيَحْمَدُهُ، وَيُسَبِّحُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَلَا يَشُكُّ قَوْمُهُ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا 


* يَوْمُ بُعَاثٍ:

كانت موقعة بين الأوس والخزرج في المدينة وكان هذا اليوم مقدمة لدخولهم في الإسلام بعد ذلك فقد تفرق جمعهم وقتل أشرافهم في هذه الموقعة فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد ذلك فالف بينهم وجمعهم تحت راية الإسلام .

وَبُعَاثٌ هُوَ مَكَانٌ، وَيُقَالُ حِصْنٌ، وَقِيلَ مَزْرَعَةٌ، عِنْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ المَدِينَةِ، وَكَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ بَيْنَ الأوْسِ وَالخَزْرَجِ، فَقُتِل فِيهَا كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَكَانَ رَئِيسَ الأوْسِ فِيهِ: حُضَيْرٌ وَالِدُ أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ رَئِيسَ الخَزْرَجِ يَوْمَئِذٍ: عَمْرُو بنُ النُّعْمَانِ البَيَاضِيُّ فَقُتِلَ فِيهَا، وَكَانَ النَّصْرُ فِيهَا أَوَّلًا لِلْخَزْرَجِ، ثُمَّ ثبَّتَهُمْ حُضَيْرٌ فَرَجَعُوا، وَانتصَرَت الأوْسُ، وَجُرِحَ حُضَيْرٌ يَوْمَئِذٍ فَمَاتَ فِيهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ.

وَقَدْ قُتِلَ فِيهَا مِنْ أَكَابِرِهِمْ مَنْ كَانَ لَا يُؤْمِنُ، أَيْ يَتَكَبَّرُ وَيَأْنَفُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الإِسْلَامِ، حَتَّى لَا يَكُونَ تَحْتَ حُكْمِ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُمْ مِنْ هَذَا النَّحْوِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ المُنَافِقُ لَعَنَهُ اللَّهُ .

قَالَ الدُّكْتُورُ مُحَمَّدُ أَبُو شَهْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الوَقْعَةُ العَظِيمَةُ قُبَيلُ مَقْدَمِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ لِتَتَهَيَّأَ النُّفُوسُ لِقَبُولِ الإِسْلَامِ وَالإيْمَانِ بِالرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَليَظْهَرَ فَضْلُ الإِسْلَامِ عَلَى الأنْصَارِ، فَقَدْ جَمَعَهُمْ بَعْدَ الفُرْقَةِ، وَغَرَسَ فِي قُلُوبِهِمُ المَحَبَّةَ بَعْدَ العَدَاوَةِ، وَالوِئَامَ بَعْدَ الشِّقَاقِ .

بَدْءُ إِسْلامِ الأَنْصَارِ:

 الأنصارُ: جمعُ نَاصر كأصحَابٍ وصاحِبٍ، أو جمعُ نَصِيرٍ كأشرافٍ وشريفٍ، واللامُ فيه للعهدِ أي أنصارُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمرادُ الأوسُ والخزرَجُ، والأوسُ يُنسبُون إلى أوْسِ بنِ حَارِثَةَ، والخَزْرَجُ يُنسبونَ إلى الخَزْرَجِ بنِ حَارِثَةَ، وكانوا قَبْل ذلك يُعرفون بِبَنِي قَيْلَةَ -بقاف مفتوحة-، وهي الأمُّ التي تَجْمَعُ القَبِيلَتَيْنِ، فسمَّاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأنصار

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي هذِهِ القَبَائِلِ التِي عَرَضَ عَلَيْهَا نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ قَلْبًا مَفْتُوحًا، وَلَا صَدرًا مَشْرُوحًا، بَلْ كَانَ الرَّاحِلُونَ وَالمُقِيمُونَ يَتَوَاصَوْنَ بِالبُعدِ عَنْهُ، وَيُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالأصَابعِ.

وَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ مِنَ الآفَاقِ البَعِيدَةِ فيزَوِّدُهُ قَوْمُهُ بِهذِهِ الوَصَاةِ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي هذَا الجَوِّ القَابِضِ، لَمْ يدخل اليَأْسُ قَلْبَهُ، وَاسْتَمَرَّ مُثَابِرًا فِي جِهادِ الدَّعوَةِ حَتَّى تَأَذَّنَ الحَقُّ أَخِيرًا بِالفَرَجِ.


دَخَلَت السَّنَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ مِنَ البِعثَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُومُ بِالدَّعوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَفْتُرُ عَنْ ذَلِكَ رغْمَ ازْدِيَادِ تَضْيِيقِ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ، وَإِثَارَتِهِمْ حَوْلَهُ الشَّائِعَاتِ، وَالأَكَاذِيبِ لِيَصُدُّوا النَّاسَ عَن الِاسْتِجَابَةِ لَهُ، فَلَمَّا اقْترَبَ مَوْسِمُ الحَجِّ مِنْ هذِهِ السَّنَةِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسْتَعِدُّ لِدَعْوَةِ الوُفُودِ وَالقَبَائِلِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ.

فَلَمَّا كَانَ مَوْسِمُ حَجِّ السَّنَةِ الحَادِيَةِ عَشْرَةَ مِنَ البعثَةِ، وَأَرَادَ اللَّه عَزَّ رَجَلَّ إِظْهار دِينِهِ، وَإِعْزَازَ نَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِنْجَازَ مَوْعِدِهِ لَهُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ العَقَبَةِ (الجَبَلُ الطَّويل) لَقِيَ رَهْطًا (أقل من عشرة) مِنْ الخَزْرَجِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ هو: "مَنْ أَنْتُمْ؟ ".

قَالُوا: نَفَرٌ مِنْ الخَزْرَجِ.

قَالَ: "أَمِنْ مَوَالِي (حلفاء) اليَهُودِ؟ ".

قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ؟ ".

قَالُوا: بَلَى، فَجَلَسُوا مَعَهُ، فَدَعَاهُم إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَرَضَ عَلَيْهِم الإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِم القُرآنَ.

وَكانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّه لَهُمْ بِهِ فِي الإِسْلَامِ، أَنَّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهم فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكَانُوا هُم -أَيْ الأوْسُ وَالخَزْرَجُ- أَهْلَ شِركٍ وَأَصْحَابَ أَوْثَانٍ، وَكَانُوا قَدْ غلبوهم ببلَادِهِمْ، فكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنَهُم شَيْءٌ، هددوهم 

وقَالُوا لَهُمْ: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوث الآنَ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، نَتَّبِعُهُ فنَقْتُلُكُم مَعَهُ قتلَ عَادٍ (قومٌ كانوا مُمَرِّدِينَ عُتَاةً جَبَّارِين أهلكهم الله بعد أن كذبوا برسولهم) وإِرَمٍ (هي قبيلةٌ وأمةٌ منَ الأمم، لم يُخْلَق مثل تلك القَبِيلة في البلادِ).

يقول اللَّه تعالى عن اليهُودِ وهم يُهدِّدُونَ الأوسَ والخزْرَجَ بخُرُوج الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-:  {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٨٩)} سورة البقرة آية (٨٩).


فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُولَئِكَ النَّفَرَ، وَدَعَاهُم إِلَى اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبعضٍ: يَا قَوْمُ! ، تَعْلَمُوا وَاللَّهِ إِنَّهُ للنَّبِيُّ الذِي تَوَعَّدَكم بِهِ يَهُودُ، فَلَا تَسْبِقَنَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُم إِلَيْهِ، بِأَنْ صَدَّقُوهُ وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الإِسْلَامِ، وَكَانُوا -أَيْ هؤُلَاءِ النَّفَرُ مِنَ الخَزْرَجِ- مِنْ عُقَلَاءِ يَثْرِبَ، أَنْهكَتْهُمْ الحَرْبُ الأَهْلِيَّةِ التِي مَضَتْ مِنْ قَرِيبٍ (حرب بُعاث)، وَالتِي لَا يَزَالُ لَهِيبُهَا مُسْتَعِرًا، فَأَمَّلُوا أَنْ تَكُونَ دَعْوَتُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبَبًا لِإنهاء الحَرْبِ، 

فَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إِنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُم مِنَ العَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُم، فَعَسَى أَنْ يَجْمَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ، فَسَنَقْدُمُ عَلَيْهِمْ، فنَدْعُوهُم إِلَى أَمْرِكَ، وَنَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الذِي أَجَبْنَاكَ إِلَيْهِ مِنْ هذَا الدِّينِ، فَإِنْ يَجْمَعهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَا رَجُلَ أَعَزُّ مِنْكَ.


* أَوَّلُ مَسْجِدٍ يُقْرَأُ فِيهِ القُرآنُ بِالمَدِينَةِ:

ثُمَّ انْصَرُفوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ، وَقَدْ آمَنُوا وَصَدَّقُوا، فَكَانَ أَوَّلَ مَسْجِدٍ قُرِئَ فِيهِ القُرآنُ بِالمَدِينَةِ مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ .

* عَدَدُ وَأَسْمَاءُ رَهْطِ الخَزْرَجِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:

وَكَانَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ سِتَّةَ نَفَرٍ مِنَ الخَزْرَجِ، كَمَا ذَكَرَ ابنُ إِسْحَاقَ، وَهُمْ:

• من بني النجار

١ - أَسْعَدُ بنُ زُرَارَةَ -رضي اللَّه عنه-

 ٢ - عَوْف بنُ الحَارِثِ -رضي اللَّه عنه- 

• مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ:

٣ - رَافِعُ بنُ مَالِكٍ الْعَجْلَانِيُّ -رضي اللَّه عنه- .

• مِنْ بَنِي سَلِمَة:

٤ - قُطْبَةُ بنُ عَامِرٍ -رضي اللَّه عنه- 

• مِنْ بَنِي حَرَامِ بْنِ كَعبٍ:

٥ - عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ -رضي اللَّه عنه-

• مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بنِ عَدِيٍّ:

٦ - جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ رِئَابٍ -رضي اللَّه عنه- ، وَهُوَ غَيْرُ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ حَرَامٍ المَشْهُورِ -رضي اللَّه عنه- 


بيعة العقبة الأولى: 

نكمل معا في الحلقة القادمة إن شاء الله تابعونا بارك الله فيكم 

الجمعة، 6 يناير 2023

الأفْرَادُ الذِينَ عَرَضَ عَلَيْهِمْ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِسْلَامَ

 


الأفْرَادُ الذِينَ عَرَضَ عَلَيْهِمْ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِسْلَامَ:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر جهدا للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فكان عليه الصلاة والسلام لَا يَسْمَعُ بِقَادِمٍ يَقْدُمُ مَكَّةَ مِنْ العَرَبِ، لَهُ اسْمٌ وَشَرَفٌ، إِلَّا ذهب إليه، ودَعَاهُ إِلَى الإِسْلَامِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا عِنْدَهُ .

فَمِنْ هَؤُلَاءِ الأفْرَادِ الذِينَ عَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِسْلَامَ:


* سُوَيْدُ بنُ الصَّامِتِ:

كَانَ شَاعِرًا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، يُسَمِّيهِ قَوْمُهُ الكَامِلَ لِقوته وَشَرَفِهِ، وَنَسَبِهِ، قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، فذهب إليه رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِيْنَ سَمعَ بِهِ، فَدَعَاهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدُ: فَلَعَلَّ الذِي مَعَكَ مِثْلَ الذِي مَعِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: وَمَا الذِي مَعَكَ؟

قَالَ حِكْمَةَ لُقْمَانَ- فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: اعْرِضْهَا عَلَيَّ، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إِنَّ هَذَا لَكَلَامٌ حَسَنٌ، وَالذِي مَعِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ، هُوَ هُدًى وَنُورٌ، 

فتَلَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- القُرْآنَ، وَدَعَاهُ إِلَى الإِسْلَامِ، فَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لقوْلٌ حَسَنٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قتَلَتْهُ الخَزْرَجُ، فَكَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ يَقُولُونَ: إِنَّا لَنرَاهُ قَدْ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَانَ قَتْلُهُ قَبْلَ يَوْمِ بُعَاثٍ (يَومُ بُعَاث: بضم الباء هو يومٌ مَشْهورٌ كَانَ فيهِ حَرْبٌ بَيْنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ -وبُعَاثٌ اسْمُ حِصْنٍ للأوْسِ. ).


* ضِمَادُ بنُ ثَعْلَبَةَ:

وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ( قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ) مِنْ اليَمَنِ، كَانَ صَدِيقًا لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَرْقِي (يعمل راقيا) مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ (الجنون ومس الجن)، قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَجَلَسَ مَجْلِسًا فِيهِ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا الرَّجُلُ الذِي فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَسَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَأَضَلَّ مَنْ مَاتَ مِنَّا، وَعَابَ آلِهَتَنَا، فَقَالَ أُمَيَّةُ: الرَّجُلُ مَجْنُونٌ غَيْرُ شَكٍّ،

 قَالَ ضِمَادُ: فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِي كَلِمَتُهُ، فَقُلْتُ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدَيَّ، فَلَقِيَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَنْ شَاءَ، فَهَلْ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ الحَمْدَ للَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ. . . "

فَقَالَ ضِمَادُ بنُ ثَعْلَبَةَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءَ، فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءَ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، وَلقدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ (قَامُوسُ البَحْرِ) البَحْرِ.أي من الحسن والبلاغة .

فَقَالَ: هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَبَايَعَهُ.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَعَلَى قَوْمِكَ".

قَالَ: وَعَلَى قَوْمِي .


* الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو الدُّوسِيُّ:

وَكَانَ -رضي اللَّه عنه- رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا لَبِيبًا، رَئِيسَ قَبِيلَةِ دَوْسٍ بِاليَمَنِ، قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ بَعْدَ عَوْدَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ الطَّائِفِ، فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا لَا يَسْمَعُونَ بِقُدُومِ أَحَدٍ مِنْ العَرَبِ عَلَيْهِمْ، إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ، وَحَذَّرُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَوَصَفُوهُ بِكُلِّ نَقِيصَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يُسْلِمَ،

 فَقَالُوا لَهُ: يَا طفيْلُ! إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلَادَنَا، وَهَذَا الرَّجُلُ الذِي بَيْنَنا قد اشتد علينا أمره، وَقَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلَهُ كَالسِّحْرِ، يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا، فَلَا تُكَلِّمْهُ، وَلَا تَسْمَعَنَّ مِنْهُ شَيْئًا.

 قَالَ الطُّفَيْلُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَوا بِي -أَيْ مَا زَالُوا يُخَوِّفُونِي- حَتَّى أَجَمَعْتُ أَلَّا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا أُكَلِّمُهُ، وَحَتَّى حَشَوْتُ فِي أَذُنِي حِيْنَ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ كُرْسُفًا (قطنا)، خوفا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلهِ، وَأَنَا لَا أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَهُ. قَالَ الطُّفَيْلُ: فَغَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ، قَالَ: فَقُمْتُ مِنْهُ قَرِيبًا، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاثُكْلَ (دعاء على نفسه بالفقد) أُمِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الحَسَنُ مِنْ القَبِيحِ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ؟ فَإِنْ كَانَ الذِي يَأْتِي بِهِ حَسَنًا قَبِلْتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ.

قَالَ: فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى بَيْتِهِ، فَاتَّبَعْتُهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا، لِلَّذِي قَالُوا، فَوَاللَّهِ مَا زالوا يُخَوِّفُونَنِي أَمْرَكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنَيَّ بِكُرْسُفٍ لِئَلَّا أَسْمَعَ قَوْلَكَ، ثُمَّ أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي قَوْلَكَ، فَسَمِعْتُهُ قَوْلًا حَسَنًا، فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ، قَالَ: فَعَرَضَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيَّ القُرْآنَ، فَلَا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الحَقِّ، وَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي، وَأَنَا رَاجعٌ إِلَيْهِمْ، وَدَاعِيهِمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً، تَكُونُ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً".


* خُرُوجُ الطُّفَيْلِ -رضي اللَّه عنه- إِلَى قَوْمِهِ دَاعِيًا إِلَى الإِسْلَامِ:

قَالَ الطُّفَيْلُ -رضي اللَّه عنه-: فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ في أعلى الجبل قريبا من قومي، وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ مِثْلُ المِصْبَاحِ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي، إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ (أي عقوبة وتنكيل ) وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِي دِيْنِهِمْ، قَالَ: فتَحَوَّلَ النُّورُ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي، قَالَ: فَجَعَلَ الحَاضِرُ يَترَاءَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي كَالقِنْدِيلِ المُعَلَّقِ، وَأَنَا أَهْبِطُ لَهُمْ مِنْ أعلى ، حَتَّى جِئْتُهُمْ فَأَصْبَحْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا نَزَلْتُ أَتَانِي أَبِي، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَقُلْتُ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَبَتِ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي، قَالَ: لِمَ يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: أَسْلَمْتُ وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! فَدِينِي دِينُكَ، فَقُلْتُ: فَاذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ، ثُمَّ تَعَالَ حَتَّى أُعَلِّمَكَ مَا عُلِّمْتُ، قَالَ: فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ، وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَعَرَضْتُ عَلَيهِ الإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَتَتْنِي زوجتى، فَقُلْتُ: إِلَيكِ عَنِّي، فَلَسْتُ مِنْكِ وَلَسْتِ مِنِّي، قَالَتْ: لِمَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ الإِسْلَامُ، وَتَابَعْتُ ديِنَ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَتْ: فَدِينِي دِينُكَ، قَالَ: فَاذْهَبِي وَاغْتَسِلِي، فَذَهَبَتْ فَاغْتَسَلَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهَا الإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ.


* دُعَاءُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لقَبِيلَةِ دَوْسٍ بِالهِدَايَةِ:


قَالَ الطُّفَيْلُ -رضي اللَّه عنه-: وَدَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الإِسْلَامِ فَأَبْطَأُوا عَلَيَّ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولُ اللَّهِ! إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- القِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ النَّاسُ: هَلَكُوا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ، اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ".

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- للطُّفَيْلِ -رضي اللَّه عنه-: "ارْجعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ".


قَالَ الطُّفَيْلُ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى المَدِينَةِ، وَقَضَى بَدْرًا وَأُحُدًا وَالخَنْدَقَ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِي، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِخَيْبَرَ (سيأتي ذكر هذه الأحداث لاحقا)، حَتَّى نَزَلْتُ المَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ، ثُمَّ لَحِقَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِخَيْبَرَ.


وَكَانَ مِنْ بَيْنِ قَبِيلَةِ دَوْسٍ الذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى يَدِ الطُّفَيْلِ بنِ عَمْرٍو الدَّوْسِي -رضي اللَّه عنه- رَاوِيَةُ الإِسْلَامِ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-.


* اسْتِشْهَادُ الطُّفَيْلِ بنِ عَمْرٍو -رضي اللَّه عنه-:


وَأَقَامَ الطُّفَيْلُ -رضي اللَّه عنه- بِالمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا ارْتَدَّتِ العَرَبُ، خَرَجَ مَعَ المُسْلِمِينَ لِقِتَالِ المُرْتَدِّينَ، وَاسْتُشْهِدَ -رضي اللَّه عنه- فِي مَعْرَكَةِ اليَمَامَةِ، وَقَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي المَنَامِ قَبْلَ مَعْرَكَةِ اليَمَامَةِ، فَقَالَ لأصْحَابِهِ: إِنَّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا فَاعْبِرُوهَا لِي: رَأَيْتُ أَنَّ رَأْسِي حُلِقَ، وَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ فَمِي طَائِرٌ، وَأَنَّهُ لَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ فَأَدْخَلَتْنِي فِي فَرْجِهَا، وَأُرَى ابْنِي يَطْلُبُنِي طَلبًا حَثِيثًا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ حُبِسَ عَنِّي، قَالُوا: خَيْرًا،

 قَالَ: أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَقَدْ أَوَّلْتُهَا، قَالُوا: مَاذَا؟ قَالَ: أَمَّا حَلْقُ رَأْسِي فَقَطْعُهُ، وَأَمَّا الطَّائِرُ الذِي خَرَجَ مِنْ فَمِي فروحِي، وَأَمَّا المَرْأَةُ التِي أَدْخَلَتْنِي فَرْجَهَا فَالأَرْضُ تُحْفَرُ لِي فَأَغِيبُ فِيهَا، وَأَمَّا طَلَبُ ابْنِي إِيَّايَ ثُمَّ حَبْسُهُ عَنِّي، فَإِنِّي أَرَاهُ سَيَجْهَدُ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَنِي.

فقُتِل -رضي اللَّه عنه- فِي مَعْرَكَةِ اليَمَامَةِ، ثُمَّ قُتِلَ ابْنُهُ فِي مَعْرَكَةِ اليَرْمُوكِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- .


نكمل في الحلقة القادمة باقي الأفراد الذين عرض عليهم النبي الإسلام ثم باقي الاحداث تابعونا بارك الله فيكم