الجمعة، 30 يونيو 2023

قصة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الحلقة الأولى

هجرة النبي صلى الله عليه وسلم 

الحلقة الأولى: 

انْتِظَارُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِذْنَ لَهُ بِالهِجْرَةِ:

 لَمْ يَمْضِ شَهْرَانِ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى بَيْعَةِ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمَكَّةَ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَوْ مَفْتُون مَحْبُوسٌ، أَوْ مَرِيضٌ، أَوْ ضَعِيفٌ عَنِ الخُرُوجِ.

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- كَثِيرًا مَا يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ فِي الهِجْرَةِ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَعْجَلْ لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَكَ صَاحِبًا"، فَيَطْمَعُ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هُوَ الصَّاحِبُ. 

* اجْتِمَاعُ قُرَيْشٍ فِي دَارِ النَّدْوَةِ واتفاقهم عَلَى قَتْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

وَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ صَارَ لَهُ أتباع وأنصار وَأَصْحَابٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ بَلَدِهِمْ، وَرَأَوْا خُرُوجَ أَصْحَابِهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ بِأطفالهم وَنِسَاءِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ، عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ نَزَلُوا دَارًا، وأصبحت لهم مَنَعَةً، لِأَنَّ الأَنْصَارَ قَوْمٌ أَهْلُ سلاح وَبَأْسٍ، فَشَعَرُوا بِخُطُورَةِ الأَمْرِ، وَخَافُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَيْهِمْ، وَأَنْ يَجْمَعَ لِحَرْبِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ النَّدْوَةِ -وَهِيَ دَارُ قُصَيِّ بنِ كِلَابٍ التِي كَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَقْضِي أَمْرًا إِلَّا فِيهَا- يَتَشَاوَرُونَ فِيهَا مَا يَصْنَعُونَ فِي أَمْرِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَسُمِّيَ ذَلِكَ اليَوْمُ الذِي اجتمعوا فيه  "يَوْمَ الزَّحْمَةِ" وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ هَذَا الِاجْتِمَاعِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالعَقْلِ فِيهِمْ، ومنهم:

أَبُو جَهْلِ بنِ هِشَامٍ وعُتْبَةُ وَشَيبةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ وطُعَيْمَةُ بنُ عَدِيٍّ وَجُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ  وَالحَارِثُ بنُ عَامِرٍوالنَّضْرُ بنُ الحَارِثِ وأمّيَّةُ بنُ خَلَفٍ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا يُعَدُّ مِنْ قُرَيْشٍ.

وفي ذلك اليوم اعْترَضَهُمْ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فِي هَيْئَةِ شَيْخٍ جَلِيلٍ أي مُسن  فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الدَّارِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ وَاقِفًا عَلَى بَابِهَا، قَالُوا: مَنِ الشَّيْخُ؟

قَالَ: شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ  سَمِعَ بِالذِي اجتمعتم لَهُ، فَحَضَرَ مَعَكُمْ لِيَسْمَعَ مَا تَقُولُونَ، وَعَسَى أن تأخذوا مِنْهُ رَأْيًا وَنُصْحًا، قَالُوا: أَجَل، فَادْخُلْ، فَدَخَلَ مَعَهُمْ لَعَنَهُ اللَّهُ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ -أَيْ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا، فتَشَاوَرُوا، ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ أَبُو البَخْتَرِيِّ بنُ هِشَامٍ: احْبِسُوهُ فِي الحَدِيدِ، وَأَغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا، ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ مَا أَصَابَ أَشْبَاهَهُ مِنَ الشُّعَرَاءَ، الذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ، زُهَيْرًا وَالنَّابِغَةَ، وَمَنْ مَضَى مِنْهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُ المَوْتُ.

فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ وَهُوَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ: لَا وَاللَّهِ، مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ حبَسْتُمُوهُ كَمَا تَقُولُونَ لَيَخْرُجَنَّ أَمْرُهُ مِنْ وَرَاءَ البَابِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلَأَوْشَكُوا أَنْ يثبوا عَلَيْكُمْ، فَيَنتزِعُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ ويَغْلِبُوكُمْ عَلَى أَمْرِكُمْ، مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، فَانْظُرُوا فِي غَيْرِهِ.

ثُمَ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: نُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فنَنْفِيْهِ مِنْ بِلَادِنَا، فَإِذَا أُخْرِجَ عَنَّا فَوَاللَّهِ مَا نُبَالِي أَيْنَ ذَهَبَ، وَلَا حَيْثُ وَقَعَ، وَتَعُودُ لَنَا وِحْدَتُنَا، وَأَلْفَتُنَا كَمَا كَانَتْ.

قَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ: لَا وَاللَّهِ، مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، أَلمْ تَرَوْا حُسْنَ حَدِيثِهِ، وَحَلَاوَةَ كلامه، وَغَلَبَتَهُ عَلَى قُلَوبِ الرِّجَالِ بِمَا يَأتِي بِهِ، فَوَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ مَا أَمِنْتُمْ أَنْ يَنزل عَلَى حَيٍّ مِنَ العَرَبِ، ثُمَّ يَسِيرُ بِهِمْ إِلَيْكُمْ بَعْدَ أَنْ يُتَابِعُوهُ حَتَّى يَطَأَكُمْ بِهِمْ فِي بِلَادِكُمْ، فَيَأْخُذَ أَمْرَكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِكُمْ مَا أَرَادَ، دَبِّرُوا فِيهِ رَأْيًا غَيْرَ هَذَا.


فَقَالَ كَبِيرُ مُجْرِمي مَكَّةَ أَبُو جَهْلِ بنُ هِشَامٍ لَعَنَهُ اللَّهُ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي فِيهِ لَرَأْيًا مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيِهْ بَعْدُ، قَالُوا: مَا هُوَ يَا أَبَا الحَكَمِ؟ .

قَالَ: أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابًّا جَلِيدًا قويًا نَسِيبًا (أي ذو حَسَب) وَسِيطًا فِينَا، ثُمَّ نُعْطِي كُلَّ فَتًى مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا قاطعًا، ثُمَّ يَذهبوا إِلَيْهِ، فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَيَقْتُلُوهُ، فنَسْتَرِيحَ مِنْهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي القَبَائِلِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمُ جَمِيعًا، فَرَضُوا مِنَّا بِالدية فأديناها لَهُمْ.

فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ: القَوْلُ مَا قَالَ الرَّجُلُ، هَذَا الرَّأْيُ، لَا رَأْيَ غَيْرَهُ، وَوَافَقَ القَوْمُ عَلَى هَذَا الِاقْتِرَاحِ الآثِمِ بِالإِجْمَاعِ، وَرَجَعَ القَوْمُ إِلَى بُيَوتِهِمْ، وَقَدْ صَمَّمُوا عَلَى تَنْفِيذِ هَذَا القَرَارِ فَوْرًا.


* إِخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكْرِ المُشْرِكينَ لَهُ:

وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهَذِهِ المُؤَامَرَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (سورة الأنفال ).

قَالَ -رضي اللَّه عنه-: تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ، فَاربطوه بَالوَثَاقِ، يُرِيدُونَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه- عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تِلْكَ اللَّيْلَةِ.

وَقَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.

قَالَ: أَيْ فَمَكَرْتُ بِهِمْ بِكَيْدِي المَتِينِ، حَتَّى خَلَّصْتُكَ مِنْهُمْ .


هِجْرَةُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-

ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الهِجْرَةِ إِلَى المَدِينَةِ. عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ، ثُمَّ أُمِر بِالهِجْرَةِ، وَأُنِزِلَ عَلَيْهِ: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} (سورة الإسراء).

قَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الطَّنْطَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَاجَرَ المُسْلِمُونَ جَمِيعًا، وَلَمْ يَبْقَ فِي مَكَّةَ إِلَّا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَرَجُلَانِ اثْنَانِ، مُرَافِقُهُ فِي السَّفَرِ، وَوَكِيلُهُ فِي مَكَّةَ، رَجُلَانِ كَانَا أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ، وَآخِرَ مَنْ هَاجَرَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ ،وَعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنهما-.

وَلَمَّا أُذِنَ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالهِجْرَةِ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ يُهَاجِرُ مَعِي؟ ".

قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ.

فَذَهَبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- لِيُخْبِرَهُ بِذَلِكَ، وَليُرَتِّبَ مَعَهُ أَمْرَ الهِجْرَةِ.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- طَرَفَي النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً . . . فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةْ (وقت شديد الحرارة)، قَالَ قَائِلٌ "يقال أنها ابنته أسماء" لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُتَقَنِّعًا (أي مُغَطِّيًا رأسه) فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ،

 قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ سَرِيرِهِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا أَنَا وَأُخْتِى أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-لِأَبِي بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوج وَالهِجْرَةِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصُّحْبَةُ".

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكِي، وَمَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ أَحَدًا يَبْكِي مِنَ الفَرَحِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ يَبْكِي مِنَ الفَرَح.

ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي نَاقَتَانِ، قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ اِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بِالثَّمَنِ" (لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحَبَّ أن تكون هجرته إلى اللَّه بنفسه ومالِهِ رغبَةً منه عليه الصلاة والسلام فِي استكمَالِ فضلِ الهجرة).


* اسْتِئْجَارُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أُرَيْقِطَ  دَلِيلًا:

وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُرَيْقِطَ رَجُلًا مِنْ قريش، وكان هَادِيًا خِرِّيتًا "وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ الخبير بالطرق" وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ، فَأعطوه رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا، اللَّتَيْنِ أَعَدَّهُمَا أَبُو بَكْرٍ لِلْهِجْرَةِ.

نكمل مع في الحلقة القادمة إن شاء الله قصة الهجرة تابعونا