الثلاثاء، 1 مارس 2022

مقاطعة قريش بني هاشم وحصارهم في الشِّعب لمدة ثلاث سنوات


 
مقاطعة قريش بني هاشم وحصار الشعب 



لما رأت قريش أن أمر الإسلام ينتشر ويعلو وأن أساليبها كلها للقضاء على الإسلام قد باءت بالفشل وأن المفاوضات لم تعد تجدي نفعا أجمعوا أمرهم على المقاطعة فاجتمعوا واتفقوا أن يكتبوا صحيفة فيها ألا يتزوجوا من بني هاشم وبني عبد المطلب ولا يزوجوهم ولا يبيعوا لهم ولا يشتروا منهم وأن يضيقوا عليهم معيشتهم ولا يخالطوهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله .

فاجتمع أبو طالب ببني هاشم وبني عبد المطلب ودعاهم لحماية النبي من بطش قريش واتفقوا أن يدخلوا في الشِّعب وهو طريق بين جبلين فيقيموا به ليستطيعوا حماية النبي فدخلوا جميعا إلا أبو لهب فلم يدخل معهم وانحاز إلى قريش .

وبقى رسول الله والمسلمون في الشعب ثلاث سنين وكان أبو طالب يخاف على النبي كثيرا ويحاوطه ليحميه من أي أذى . واشتد عليهم البلاء والجهد فقد قطعت قريش عنهم الطعام والمؤن حتى كادوا أن يهلكوا من الجوع وكانت قريش تشتري السلع من التجار بأضعاف قيمتها حتى لا يبيعوها إلى المسلمين وكانت تراقب الطرق حتى لا يستطيع أحد إدخال أي معونة داخل الشعب حتى اضطر المحاصرون إلى أكل أوراق الشجر والجلود ومات منهم من مات 

وكان الأطفال لا يكفون عن البكاء من شدة الجوع 

 ولم يكن يستطيع أحد من خارج الشعب أن يساعد المحاصرين إلا سرا خوفا من قريش فكان حكيم بن حزام ابن أخي السيدة خديجة وهشام بن عمرو العامري يصلون أهل الشعب فكانوا يرسلون البعير محملا بالطعام ليلا ويسوقونه باتجاه الشعب ثم يتركونه فيصل إلى المحاصرين   

ومع كل ذلك كان رسول  الله صلى الله عليه وسلم يدعو قومه ليلا ونهارا ويحثهم على الصبر ويبشرهم بأن فرج الله قريب 

 وظلوا في الحصار ثلاث سنوات حتى قام بعض أهل قريش من أصحاب المروءة  ومنهم هشام بن عمرو بن ربيعة فذهب إلى زهير بن أبي أمية المخزومي وقال له أرضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتتزوج وتبيع وتشتري وأخوالك محاصرين في الشعب ؟!!

فقال له زهير والله لا أرضى ولكنني رجل واحد !

لو كان معي رجل ثان لقمت إلى الصحيفة ونقضتها فقال له هشام أنا معك 

قال نريد ثالثا فذهبوا إلى المطعم بن عدي وعرضوا عليه الأمر فوافقهم ثم ذهب إلى أبي البختري بن هشام فانضم إليهم وكذلك وافقهم زمعة بن الأسود بن المطلب واتفقوا على أن يتكلموا مع  سادة قريش في اليوم التالي 

وبالفعل اجتمعوا مع قريش وقام زهير وتكلم بأنه لا يرضى بما يحدث لبني عبد المطلب وقال والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة فقام له أبو جهل وقال له كذبت والله لا تشق ! فقام إليه زمعة وقال له أنت والله أكذب ما رضينا كتابتها حيث كتبت .وقام البختري فأيد كلامه وقام المطعم فقال مثلهم فقال لهم أبو جهل إنما هذا أمر قد اتفقتم عليه من قبل !! 

واشتد النزاع بينهم حتى رأوا أبا طالب ومعه نفر من قومه خارجين من الشعب إلى المسجد فظنوا أنهم قد استسلموا من شدة البلاء وأتوا ليسلموا النبي ولكن أبا طالب كان قد علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الله أخبره أن الصحيفة التي بداخل الكعبة قد أكلتها الأرضة"وهي نوع من الحشرات آكلة الورق والخشب" ولم يبق منها إلا اسم الله 

 فقال لهم أبو طالب إن ابن أخي قد أخبرني أن صحيفتكم قد أكلتها الأرضة ولم يبق منها إلا "باسمك اللهم" فانظروا إليها فلما فتحوها وجدوها كما أخبر النبي فنُكسوا على رؤوسهم ثم قالوا هذا سحر ابن أخيك !! 

فقال لهم أبو طالب يا معشر قريش علام نُحبس ونُحصر ثم دخل ومن معه عند الكعبة وقام يدعوا اللهم انصرنا على من ظلمنا وقطع أرحامنا ثم انصرفوا إلى الشعب . 

فقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة فمزقها ثم ذهب هو ومن وافقه على نقض الصحيفة فلبسوا السلاح وذهبوا إلى المحاصرين فطلبوا منهم أن يعودوا إلى منازلهم وانتهى الحصار وكان خروجهم في أواخر السنة العاشرة من البعثة .