الأربعاء، 26 أبريل 2023

شيطان يصرخ ويكشف البيعة لقريش وماذا فعل الأنصار بعد عودتهم للمدينة بعد البيعة؟

نتابع معا أحداث بيعة العقبة الثانية :


بيعة العقبة الثانية 
know the prophet of Islam


شيطان يصرخ  يريد أن يكشف المعاهدة لقريش 

يقول كعبُ بنُ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ العَقَبَةِ بِأَنْفَذِ صَوْتٍ سَمِعتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الجَبَاجِبِ -وَالجَبَاجِبُ: المَنَازِلُ- هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ (كان الكفارُ من قُرَيش من شِدَّة كَرَاهتِهِم في النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يُسَمُّونه باسمه الدَّالِّ على المدحِ فيعدِلُونَ إلى ضِدِّه فيقولون مُذَّمم) وَالصُّبَاةُ (الخارجون عن دينكم ) مَعَهُ؟ قَدْ اجْتَمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ.


فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَذَا أَزَبُّ (اسم شيطان العقبة) العَقَبَةِ، هَذَا ابنُ أَزْيَبَ، اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْرَغَنَّ لَكَ".


* صِدْقُ الأَنْصَارِ -رضي اللَّه عنهم- فِي بَيْعَتِهِمْ:

فَقَالَ العَبَّاسُ بنُ عُبَادَةَ بنَ نَضْلَةَ -رضي اللَّه عنه- لَلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: وَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنى غَدًا بِأَسْيَافِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ ارجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ".

فَرَجَعُوا إِلَى رِحَالهم وَنَامُوا حَتَّى أصبَحُوا.


* قُرَيْشٌ تَبْحَثُ عَنِ الأخْبَارِ عِنْدَ رُؤَسَاءِ يَثْرِبَ:

وَلَمَّا وصل هَذَا الخَبَرُ إلى آذَانَ قُرَيْشٍ وَقَعَتْ فِيهِمْ ضَجَّة أثَارَتِ القَلَاقِلَ وَالأحْزَانَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَعرِفَةٍ تَامَّةٍ مِنْ عَوَاقِبِ مِثْلِ هَذِهِ البَيْعَةِ وَنتائِجِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَمَا إِنْ أَصْبَحُوا حَتَّى تَوَجَّة وَفْدٌ كَبِيرٌ مِنْ زُعَمَاءَ مَكَّةَ وَأَكَابِرِ مُجْرِمِيهَا إِلَى مَنَازِلِ أَهْلِ يَثْرِبَ فِي مِنًى، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الخَزْرَجِ! إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا (يقصدون النبي) هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْ حَيٍّ مِنَ العَرَبِ أَبْغَضُ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشُبَ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ .


فَانْبَعَثَ مِنْ هُنَاكَ مِنْ مُشْرِكِي الخَزْرَجِ يِحْلِفُونَ بِاللَّهِ: مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْنَاهُ، حَتَّى إِنَّهُم -أَيْ زُعَمَاءُ قُرَيْشٍ- أَتوْا عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا بَاطِلٌ، وَمَا كَانَ هَذَا، وَمَا كَانَ قَوْمِي ليفعلوا هذا دون الرجوع إلى ّ، لَوْ كُنْتُ بِيَثْرِبَ مَا صَنَعَ قَوْمِي هَذَا حَتَّى يُؤَامِرُوني.

أَمَّا المُسْلِمُونَ فنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَاذُوا بِالصَّمْتِ، فَلَمْ يَتَحَدَّثْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِنَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ.

وَصَدَّقَ زُعَمَاءُ قُرَيْشٍ المُشْرِكِينَ مِنْ يَثْرِبَ، فَرَجَعُوا خَائِبِينَ.


* تَأَكُّدُ قُرَيْشٍ مِنْ صِحَةِ الخَبرِ وَمُلَاحَقَتُهَا المُبَايِعِينَ:

وتفرق النَّاسُ مِنْ مِنًى، فتتبعت قُرَيْشٌ الخَبَرَ، فَوَجَدُوا أَنَّ الخَبَرَ صَحِيحٌ، وَالبَيْعَةُ قَدْ تَمَّتْ فِعلًا، فَخَرَجُوا ليلحقوا بمن بايعوا ، فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ، وَالمُنْذِرَ بنَ عَمرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكِلَاهُمَا كَانَ نَقِيبًا، فَأَمَّا المُنْذِرُ بنُ عَمرٍو فَأَعْجَزَ القَوْمَ، وَاسْتَطَاعَ أَنْ يَفِرَّ، وَأَمَّا سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ فَأَخَذُوهُ، فَرَبَطُوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ أَقْبَلُوا بِهِ حَتَّى أَدْخَلُوهُ مَكَّةَ يَضْرِبُونَهُ، وَيَجْذِبُونَهُ بِشَعْرِهِ، وَكَانَ ذَا شَعْرٍ كَثِيرٍ.


قَالَ سَعْدٌ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي أَيْدِيهِمْ إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ رَجُلٌ وَضِيءٌ أَبْيَضُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنْ يَكُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ القَوْمِ خَيْرٌ، فَعِنْدَ هَذَا، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَفَعَ يَدَهُ فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَا وَاللَّهِ مَا عِنْدَهُم بَعْدَ هَذَا مِنْ خَيْرٍ،

 قَالَ سَعدٌ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي أَيْدِيهِم يَسْحَبُونَنِي إِذْ رق لِي رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُم، فَقَالَ: وَيْحَكَ! ! أَمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ جِوَارٌ وَلَا عَهْدٌ؟ لينقذك فَقَالَ سَعْدٌ: بَلَى وَاللَّهِ، لَقَدْ كُنْتُ أُجِيرُ لِحُبَيْرِ بنِ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ تُجَّارَهُ، وَأَمْنَعُهُم مِمَّنْ أَرَادَ ظُلْمَهُم بِبلَادِي، وَلِلْحَارِثِ بنِ حَرْبِ بنِ أُمَيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! ! فَاهْتِفْ بِاسْمِ الرَّجُلَيْنِ، وَاذْكُر مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمَا، قَالَ: فَفَعَلْتُ، وَخَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَيْهِمَا، فَوَجَدَهُمَا فِي المَسْجِدِ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُمَا: إِنَّ رَجُلًا مَنَ الخَزْرَجِ الآنَ يُضْرَبُ بِالأَبْطَحِ (مكان بمكة) يَهْتِفُ بِكُمَا، وَيَذْكُرُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَكُمَا جِوَارًا، قَالَا: مَنْ هُوَ؟


قَالَ: سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، قَالَا: صَدَقَ وَاللَّهِ، إِنْ كَانَ لَيُجِيرُ لَنَا تُجَّارَنَا، وَيَمْنَعُهُمْ أَنْ يُظْلَمُوا بِبَلَدِهِ، قَالَ: فَجَاءَا فَخَلَّصَا سَعدًا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِم، فَانْطَلَقَ، وَكَانَ الذِي لَكَمَ سعْدًا، سُهيْلُ بنُ عَمرٍو (سُهيل بن عَمرو أسلم -رضي اللَّه عنه- في فتح مكة وحسن إسلامه)، وَالرَّجُلُ الذِي رق لَهُ أَبَا البَخْتَرِيِّ بنَ هِشَامٍ (قُتِل كَافرًا في غزوة بدر الكبرى).


وَكَانَتِ الأَنْصَارُ قرروا حِينَ فَقَدُوا سَعْدًا -رضي اللَّه عنه-، أَنْ يرجعوا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ رجع إليهم، فَرَحَلَ القَوْمُ جَمِيعًا إِلَى المَدِينَةِ.

وكان لبيعة  العقبة فضل عظيم في انتشار الإسلام وخطوة نحو بناء خير أمة أخرجت للناس.


* إِسْلَامُ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ -رضي اللَّه عنه- :

لَمَّا رَجَعَ الأَنْصَارُ الذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليْلَةَ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى المَدِينَةِ أَظْهرُوا الإِسْلَامَ بِهَا، وَدَعَوْا أَهْلِيهِم إِلَيْهِ، وَكَانَ فِي قَوْمِهِم بَقَايَا مِنْ شُيُوخٍ لَهُمْ عَلَى دِينهِم مِنَ الشِّرْكِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بنُ الجَمُوحِ -رضي اللَّه عنه- مِنْ سَادَاتِ بَنِي سَلِمَةَ وَأَشْرَافِهِمْ، وَكَانَ ابْنُهُ مُعَاذٌ شَهِدَ العَقَبَةَ، وَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهَا.

وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ صَنَمًا مَنْ خَشَبٍ، يُقَالُ له (مَنَاةٌ)، كَمَا كَانَ الأَشْرَافُ يَصْنَعُونَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ فِتْيَانُ بَنِي سَلِمَةَ: مُعْاذُ بنُ جَبَلٍ، وَابْنُهُ مُعَاذُ بنُ عَمْرٍو، فِي فِتْيَان مِنْهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَشَهِدَ العَقَبَةَ، كَانُوا يدخلون بِاللَّيْلِ عَلَى صَنَمِ عَمرِو بنِ الجَمُوحِ، فَيَحْمِلُونَهُ، فيلقونه فِي بَعْضِ حُفَرِ بَنِي سَلِمَةَ، وَفِيهَا فضلات النَّاسِ، مُنَكَّسًا عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا أصبَحَ عَمْرٌو، قَالَ: وَيْلَكُمْ! ! مَنْ عَدَا عَلَى إِلَهِنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟ ثُمَّ يذهب للبحث عنه حَتَّى إِذَا وَجَدَهُ غَسَّلَهُ وَطَهَّرَهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلصَّنَمِ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَعلَمُ مَنْ فَعَلَ بِكَ هَذَا لَأُخْزِيَنَّهُ، فَإِذَا أَمْسَى وَنَامَ عَمْرٌو عَدَوْا عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَيَغْدُو فَيَجِدُهُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الأَذَى، فَيُغَسِّلُهُ وَيُطَهِّرُهُ وَيُطَيِّبُهُ، ثُمَّ يَعْدُونَ عَلَيْهِ إِذَا أَمْسَى، فَيَفْعَلُونَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ.

فَلَمَّا كرروا ما فعلوه اسْتَخْرَجَهُ مِنْ حَيْثُ أَلْقَوْهُ يَوْمًا، فَغَسَّلَهُ وَطَهَّرَهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِسَيْفِهِ فَعَلَّقَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلصَّنَمِ: إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَعلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ مَا أَرَى، فَإِنْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ فَامْتَنِعْ، فَهَذَا السَّيْفُ مَعَكَ، فَلَمَّا أَمْسَى وَنَامَ عَمْرٌو عَدَوْا عَلَيْهِ، فَأَخَذُوا السَّيْفَ فِي عُنقهِ، ثُمَّ أَخَذُوا كَلْبًا مَيْتًا فَقَرَنُوهُ بِهِ بِحَبْلٍ، ثُمَّ أَلْقَوْهُ فِي بِئْرٍ مِنْ آبَارِ بَنِي سَلِمَةَ فِيهَا عِذَرُ النَّاسِ، وَغَدَا عَمْرُو بنُ الجَمُوحِ فَلَمْ يَجِدْهُ فِي مَكَانِهِ الذِي كَانَ بِهِ، فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ حَتَّى وَجَدَهُ فِي تِلْكَ البِئْرِ مُنَكَّسًا مَقْرُونًا بِكَلْبٍ مَيْتٍ، فَلَمَّا رَآهُ وَأَبْصَرَ شَأْنَهُ، وَبَانَ له صَوَابُهُ، وَرَجَعَ إِلَيْه عَقْلُهُ، وَعَلِمَ أَنَّهَا أَصْنَامٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، فَمَا إِنْ كَلَّمَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى أَسْلَمَ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ -رضي اللَّه عنه-،


في الحلقة القادمة إن شاء الله سنتعرف على خصائص المدينة والاستعداد للهجرة المباركة . 

تابعونا باك الله فيكم