الجمعة، 22 أبريل 2022

وفاة أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم



آخر مفاوضات قريش مع أبي طالب قبل وفاته 

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعب يدعو إلى الله تعالى وعادت قريش لشر ما  كانت عليه من الكفر والصد عن سبيل الله وإيذاء للمسلمين وظل أبو طالب يحوط النبي بعنايته وحمايته حتى اشتد به المرض فخافت قريش أن يموت أبو طالب وتعيرهم العرب بعد ذلك إن ألحقوا الأذى بالنبي بعد موت عمه ويقولون تركوه حتى مات عمه نالوا منه!

فاتفقوا على الذهاب مرة أخرى لأبي طالب ليفاوضوه وليجد لهم حلا مع ابن أخيه فقد خافوا من انتشار الدعوة الإسلامية بعد إسلام حمزة وعمر وانتشار خبر الدعوة خارج مكة مع وفود الحجاج 

فمشى إليه أشراف قريش ومنهم عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى، وَتَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ، وَقَدْ عَلِمْتَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَادْعُهُ، فَخُذْ لَهُ مِنَّا، وَخُذْ لَنَا مِنْهُ، لِيَكُفَّ عَنَّا، وَنَكُفَّ عَنْهُ، وَلِيَدَعَنَا وَدِينَنَا، وَنَدَعَهُ وَدِينَهُ، فَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ، فَجَاءَهُ، فَقَالَ: يَابْنَ أَخِي؛ هَؤُلَاءِ أَشْرَافُ قَوْمِكَ، قَدِ اجْتَمَعُوا لَكَ، لِيُعْطُوكَ، وَلِيَأْخُذُوا مِنْكَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُعْطُونِيهَا تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ، وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ». 

قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: نَعَمْ وَأَبِيكَ، وَعَشْرَ كَلِمَاتٍ. 

قَالَ: «تَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ. وَتَخْلَعُونَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ». 

 فَصَفَّقُوا بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: أَتُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ أَنْ تَجْعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا وَاحِدًا، إنَّ أَمْرَكَ لَعَجَبٌ! ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: إنَّهُ وَاللهِ مَا هَذَا الرَّجُلُ بِمُعْطِيكُمْ شَيْئًا مِمَّا تُرِيدُونَ، فَانْطَلِقُوا وَامْضُوا عَلَى دِينِ آبَائِكُمْ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ. قَالَ: ثُمَّ تَفَرَّقُوا 

فأنزل الله تعالى: صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ  بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٖ وَشِقَاقٖ  كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ فَنَادَواْ وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٖ  وَعَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡۖ وَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا سَٰحِرٞ كَذَّابٌ  أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ  وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ  مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ

وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ 

وَلَمْ يَلْبَثْ أَبُو طَالِبٍ أَنْ وَافَتْهُ المَنِيَّةُ، وكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الشِّعْبِ في آخِرِ السَّنَةِ
العَاشِرَةِ مِنَ المَبْعَثِ، وذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَة.

ولَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ  دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ في نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَة أُحَاجُّ  لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ" فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟

فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ" .


 وهنا وقفة عظيمة وتدبر مع النفس فهذا أبو طالب عم النبي الذي كان يحبه حبا شديدا ويحميه وينصره ويدافع عنه يموت مشركا رغم محاولات النبي صلى الله عليه وسلم لهدايته للإسلام وذلك أن الهداية إنما هي من الله وأن الله وحده يعلم المستحق للهداية وليس للبشر سلطان على أحد يقول الله تعالى "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء''

فبالرغم من حب أبو طالب للنبي إلا أنه كان  باقيا على دينه وعلى ملة قريش رافضا الدخول في
 الإسلام خوفا من معايرة قريش له إن ترك دين آبائه وحين حضرته الوفاة كان جليسه أبو  لهب جليس السوء لم يتركه حتى مات مشركا 
.  نعوذ بالله من الضلال ومن رفقة السوء
نلتقي في الحلقة القادمة إن شاء الله مع وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها 
تابعونا بارك الله فيكم