السبت، 31 ديسمبر 2022

باقي القبائل التي عرض عليهم رسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه لينصروه

 

من كان يظن أن دعوة رسول الله كانت سهلة ميسرة فلينظر ما مر به الحبيب في رحلته ولينظر كم عانى من أهله وقومه وممن طلب منهم العون والنصر .. 

اقرأوا معنا سيرة الحبيب 



توقفنا في الحلقة السابقة عن القبائل التي عرض رسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه عليها حتى يساعدوه وينصروه نكمل معا 

٣ - قَبِيلَةُ كِنْدَةَ:

جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كِنْدَةَ في مَنَازِلهِم بِعُكَاظٍ، فَلَمْ يَأْتِ حَيًّا مِنَ العَرَبِ كَانَ أَلْيَنَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رَأَى لِيْنَهُمْ، وَقُوَّةَ جَبَهِهِمْ ( أي اسْتِقْبَالُهُم.) لَهُ، جَعَلَ يُكَلِّمُهُمْ وَيَقُولُ:

"أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ أَظْهَرْ فَأَنْتُمْ بِالخِيَارِ"، فَقَالَ عَامَّتُهُمْ: مَا أَحْسَنَ هَذَا القَوْلَ، وَلَكِنَّا نَعْبُدُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، فَقَالَ أَصْغَرُ القَوْمِ: يَا قَوْمُ! اسْبِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ تُسْبَقُوا إِلَيْهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الكِتَابِ لَيُحَدِّثُونَ أَنَّ نَبِيًّا يَخْرُجُ مِنَ الحَرَمِ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، 

وَكَانَ فِي القَوْمِ إِنْسَانٌ أَعْوَرُ، فَقَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيَّ، أَخْرَجَتْهُ عَشِيرتُهُ وَتُؤْوُونَهُ أَنْتُمْ؟ تَحْمِلُونَ حَرْبَ العَرَبِ قَاطِبَةً، لَا، ثُمَّ لَا، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ حَزِينًا، فَانْصَرَفَ القَوْمُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَخَبَّرُوهُمْ،

 فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ مُخْطِئُونَ بِخَطَئِكُمْ لَوْ سَبَقْتُمْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ لَسُدْتُمْ العَرَبَ، وَنَحْنُ نَجِدُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِنَا، فَوَصَفَهُ لِلْقَوْمِ الذِينَ رَأَوْهُ، كُلُّ ذَلِكَ يُصَدِّقُونَهُ بِمَا يَصِفُ مِنْ صِفَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَجِدُ مَخْرَجَهُ بِمَكَّةَ، وَدَارَ هِجْرَتِهِ يَثْرِبَ، فَأَجْمَعَ القَوْمُ لِيُوَافُوهُ فِي المَوْسِمِ القِادِمِ، فَحَبَسَهُمْ سَيِّدٌ لَهُمْ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنْهُمْ .


٤ - قَبِيْلَةُ بَنِي حَنِيفَةَ:

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى بَنِي حَنِيفَةَ فِي مَنَازِرلهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ العَرَبِ أَقْبَبحَ عَلَيْهِ رَدًا مِنْهُمْ .


٥ - قَبِيلَةُ عَبْسٍ:

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ وَابِصَةَ العَبْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي مَنَازِلِنَا بِمِنًى، وَنَحْنُ نَازِلُونَ بِالجَمْرَةِ الأوْلَى التِي تَلِي مَسْجِدَ الخَيْفِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا خَلْفَهُ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَدَعَانَا، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَجَبْنَا لَهُ، وَلَا خَيْرَ لَنَا، 

قَالَ: وَقَدْ كُنَّا سَمِعْنَا بِهِ وَبِدُعَائِهِ فِي المَوْسِمِ، فَوَقَفَ عَلَيْنَا لَدْعُونَا، فَلَمْ نَسْتَجِبْ لَهُ، وَكَانَ مَعَنَا مَيْسَرَةُ بنُ مَسْرُوقٍ العَبْسِيُّ، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ صَدَّقْنَا هَذَا الرَّجُلَ وَحَمَلْنَاهُ حَتَّى نَحُلَّ بِهِ وَسَطَ رِحَالِنَا لَكَانَ الرَّأْيُ، فَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ أَمْرُهُ حَتَّى يَبْلُغَ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: دَعْنَا عَنْكَ لَا تُعَرِّضْنَا لِمَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، فَطَمعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي مَيْسَرَةَ، فكَلَّمَهُ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ: مَا أَحْسَنَ كَلَامَكَ وَأَنْوَرَهُ، وَلَكِنَّ قَوْمِي يُخَالِفُونَنِي، وَإِنَّمَا الرَّجُلُ بِقَوْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يعاونوه فَالعِدَا أَبْعَدُ، 

فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَخَرَجَ القَوْمُ عائدين إِلَى أَهْلِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ مَيْسَرَهُ: مِيلُوا بِنَا إِلَى فَدَكَ (هي قريةٌ بالحِجَازِ، بينها وبينَ المَدِينَةِ يومَانِ)، فَإِنَّ بِهَا يَهُودًا، نَسْأَلُهُمْ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَمَالُوا إِلَى يَهُودٍ، فَأَخْرَجُوا سِفْرًا (بكسر السِّين: هو الكتاب) لَهُمْ، فَوَضَعُوهُ، ثُمَّ دَرَسُوا ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّبِيِّ الأمِّيِّ العَرَبِيِّ، يَرْكَبُ الجَمَلَ، وَيَجْتَزِئُ بِالكِسْرَةِ، وَلَيْسَ بِالطَّوِيلِ وِلَا بِالقَصِيرِ، وَلَا بِالجَعْدِ (جعد الشعر أي ليس بمسترسل) وَلَا بِالسَّبِطِ ( الشعرالمُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ)، فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ، مُشْرَبُ ( الإشْرَابُ: هو خَلْطُ لونٍ بِلَونٍ) اللَّوْنِ،"عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه كان إذا وصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: كان عظيم الهامة، أبيض، مشربًا حُمْرةً."

 فَإِنْ كَانَ هُوَ الذِي دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَادْخُلُوا فِي دِينِهِ، فَإِنَّا نَحْسُدُهُ فَلَا نَتَّبِعُهُ، وَلَنَا مِنْهُ فِي مَوَاطِنَ بَلَاءٌ عَظِيْمٌ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ العَرَبِ إِلَّا اتَّبَعَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فكُونُوا مِمَّنْ يَتَّبِعُهُ، 

فَقَالَ مَيْسَرَةُ: يَا قَوْمُ! إِنَّ هَذَا الأمْرَ بَيِّنٌ، فَقَالَ القَوْمُ: نَرْجعُ إِلَى المَوْسِمِ فَنَلْقَاهُ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رِجَالُهُمْ، فَلَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِيْنَةَ، وَحَجَّ حَجَّةَ الوَدَاعِ، لَقِيَهُ مَيْسَرَةُ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا زِلْتُ حَرِيصًا عَلَى اتِّبَاعِكَ مِنْ يَوْمِ أَنَخْتَ بِنَا، حَتَّى كَانَ مَا كَانَ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا مَا تَرَى مِنْ تَأْخِيرِ إِسْلَامِي، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَالَ: الحَمْدُ للَّهِ الذِي اسْتَنْقَذَنِي بِكَ مِنْ النَّارِ


٦ - قَبِيلَةُ كَلْبٍ:

عن  مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ حُصيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى كَلْبًا فِي مَنَازِلهِمْ إِلَى بَطْنٍ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَبْدِ اللَّهِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لَهُمْ: "يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ"، فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ .


٧ - قَبِيلَةُ بَنِي شَيْبَانَ:

مِمَّنْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفْسَهُ جَمَاعَةً مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، فِيْهِمْ مَفْرُوقُ بنُ عَمْرٍو، وَهَانِئُ بنُ قَبِيصَةَ، وَالمُثَنَّى بنُ حَارِثَةَ، وَالنُّعْمَانُ بنُ شَرِيكٍ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الإِسْلَامِ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ القُرْآنَ، فَاسْتَحْسَنُوا قَوْلَهُ وَأَعْجَبَهُمْ مَا يَدْعُوا إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ اعْتَذَرُوا عَنْ نُصْرَتِهِ لِكَوْنِ كِسْرَى، قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِمْ عَهْدًا أَلَا يُحْدِثُوا حَدَثًا (الأمْرُ الحَادِثُ المُنْكَرُ الذِي لَيْسَ بِمُعْتَادٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ.) وَلَا يُؤْوُوا مُحْدِثًا، وَكَانَتْ أَرْضُهُمْ بجانب بِلَادَ فَارِسٍ .


٨ - قَبِيلَةُ بَنِي مُحَارِبٍ:

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: انتهَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى بَنِي مُحَارِبِ بنِ خَصْفَةَ، فَوَجَدَ فِيْهِمْ شَيْخًا ابنَ مائةِ سَنَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ، فكلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَدَعَاهُ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالة رَبِّهِ،

 فَقَالَ الشَّيْخُ: أَيّها الرَّجُلُ! قَوْمُكَ أَعْلَمُ بِنَبَئِكَ، وَاللَّهِ لَا يرجع بِكَ رَجُلٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا رجع بِشَرِّ مَا يرجع بِهِ أَهْلُ المَوْسِمِ، فَأَغْنِ عَنَّا نَفْسَكَ، وَإِنَّ أَبَا لَهَبٍ لقائِمٌ يَسْمَعُ كَلَامَ المُحَارِبِيِّ، ثُمَّ وَقَفَ أَبُو لَهَبٍ عَلَى المُحَارِبِيِّ فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَهْلُ المَوْسِمِ كُلُّهُمْ مِثْلَكَ لَتَرَكَ هَذَا الدِّيْنَ الذِي هُوَ عَلَيْهِ، إِنَّهُ صَابِئٌ (خارج عن ديننا) كَذَّابٌ، 

فَقَالَ المُحَارِبِيُّ، أَنْتَ وَاللَّهِ أَعْرَفُ بِهِ، هُوَ ابنُ أَخِيكَ، لُحْمَتُكَ (اللُّحْمَةُ بالضَّمِّ: القَرَابَةُ)، ثُمَّ قَالَ المُحَارِبِيُّ: لَعَلَّ بِهِ يَا أَبَا عُتْبَةَ لَمَمًا (جنونا)، فَإِنَّ مَعَنَا رَجُلًا مِنْ الحَيِّ يَهْتَدِي لِعِلَاجِهِ، فَلَمْ يَرْجعْ أَبُو لَهَبٍ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا رَآهُ وَقَفَ عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءَ العَرَبِ صَاحَ بِهِ أَبُو لَهَبٍ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَذَّابٌ .


نكمل معا في الحلقة القادمة إن شاء الله ونتعرف على الأفراد الذين عرض رسول الله عليهم نفسه لينصروه

تابعونا بارك الله فيكم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق