الخميس، 25 نوفمبر 2021

أصعب عام مر على رسول الله عليه الصلاة والسلام

 



عــام الحـــزن
✿..•:*¨`*:•

هو أصعب عام مر علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد وقعت

 فيه عدة أحداث أولها :

{وفاة أبي طالب}
✿..•:*¨`*:•.

لَمْ يَلْبَثْ أَبُو طَالِبٍ أَنْ وَافَتْهُ المَنِيَّةُ، وكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الشِّعْبِ في آخِرِ السَّنَةِ العَاشِرَةِ مِنَ المَبْعَثِ ، وذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً

ولَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ  دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-،
وعِنْدَهُ أبو جهل وعبد الله بن أمية في نفر من قريش فقال النبي صلى الله عليه وسلم :  
"أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَة أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ"
 فَقَال أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟
فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ".

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى في صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمِّهِ: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ: يَقُولُونَ:إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ، لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} 

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: هُوَ أعْلَمُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الهِدَايَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الغِوَايَةَ، وَقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهَا نزلَتْ في أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدْ كَانَ يَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ، ويَقُومُ في صَفِّهِ ويُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا طَبِيعِيًّا لَا شَرْعِيًّا، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ وَحَانَ أَجَلُهُ، دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الإيمَانِ، وَالدُّخُولِ في الإِسْلَامِ، فَسَبَقَ القَدَرُ فِيهِ، وَاخْتُطِفَ مِنْ يَدِهِ، فَاسْتَمَرَّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ، وَللَّهِ الحِكْمَةُ التَّامَّةُ .

* عِبْرَةٌ وَعِظَةٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ:

وَإِنَّ الإِنْسَانَ لَيَقِفُ أمَامَ هَذَا الخَبَرِ مَأْخُوذًا بِصَرَامَةِ هَذَا الدِّينِ وَاسْتِقَامَتِهِ، فَهَذَا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَافِلُهُ وحَامِيهِ وَالذَّائِدُ عَنْهُ، لَا يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ الإِيمَانَ، عَلَى شِدَّةِ حُبِّهِ لرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشِدَّةِ حُبِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُؤْمِنَ. ذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ إِلَى عَصَبِيَّةِ القَرَابَةِ وحُبِّ الْأُبُوَّةِ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى العَقِيدَةِ. وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ هَذَا مِنْهُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لَهُ مَا كَانَ يُحِبُّهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ويَرْجُوهُ. فَأَخْرَجَ هَذَا الأَمْرَ -أَمْرَ الهِدَايَةِ- مِنْ حِصَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجَعلَهُ خَاصًّا بِإِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ وتَقْدِيرِهِ. ومَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا البَلَاغُ، ومَا عَلَى الدَّاعِينَ بَعْدَهُ إِلَّا النَّصِيحَة. وَالقُلُوبُ بَعْدَ 
ذَلِكَ بيْنَ أَصَابعِ الرَّحْمَنِ، وَالهُدَى وَالضَّلَالُ وِفْقَ مَا يَعْلَمُهُ مِنْ قُلُوبِ العِبَادِ وَاسْتِعْدَادِهِمْ لِلْهُدَى أَوْ لِلضَّلَالِ.

* مَصِيرُ أَبِي طَالِبٍ:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الحَارِثِ عَنِ العَبَّاسَ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَوَاللَّهِ كَانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هُوَ في ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ في الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" الضَّحْضَاحَ منَ الماء هو ما بلغُ الكَعْبَ، والمعنَى أنَّه خَفَّفَ عنهُ العذابَ

وأخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ".
قَالَ الإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ: الحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ أبَا طَالِبٍ كَانَ تَابِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِجُمْلَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ مُثَبِّتٌ لِقَدَمَيْهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَسُلِّطَ العَذَابُ عَلَى قَدَمَيْهِ
___________________________________-

  {خديجةرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلى رحمة الله}
✿•:*¨`*:•..✿•..•:*¨`*:•
إِنَّ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الجَلِيلَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَدْ آزَرَتْهُ في أَحْرَجِ الأَوْقَاتِ، وَأَعَانَتْهُ عَلَى إبْلَاع رِسَالَتِهِ، وشَارَكَتْهُ مَغَارِمَ الجِهَادِ المُرِّ، وَوَاسَتْهُ بِنَفْسِهَا وَمَالِهَا،
 
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آمنت بى حين كفر بى الناس، وصدقتنى حين كذبني الناس، وأشركتنى في مالها حين حرمنى الناس، ورزقنى الله ولدها وحرم ولد غيرها)

وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام ـ على اختلاف القولين ـ توفيت أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي الله عنها وكانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، ولها خمس وستون سنة على أشهر الأقوال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك في الخمسين من عمره.


* حُزْنُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:
بَيْتَهُ، وَأَقَلَّ الخُرُوجَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. . . اجْتَمَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُصِيبَتَانِ ، فَلَزِمَ بَيْتَهُ، وَأَقَلَّ الخُرُوجَ 

* هَدْيُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عِنْدَ المُصِيبَةِ:
كَانَ مِنْ هَدْيِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عِنْدَ المُصِيبَةِ السُّكُونُ، وَالرِّضَى بِقَضَاءَ اللَّهِ، والحَمْدُ للَّهِ، وَالِاسْتِرْجَاعُ، 


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ  مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا  وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ
في الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ، لَا صَخَبَ  فِيهِ ولَا نَصَبَ"

الصَّخَبُ: هو الصِّيَاحُ والمُنَازَعَةُ برفعِ الصَّوْتِ.
 النَّصَبُ: هو التَّعَبُ

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: مُنَاسَبَةُ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ -أَعْنِي المُنَازَعَةَ وَالتَّعَبَ- أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا دَعَا إِلَى الإِسْلَامِ أَجَابَتْ خَدِيجَةُ طَوْعًا
 فَلَمْ تُحْوِجْهُ إِلَى رَفْعِ صَوْتٍ، وَلَا مُنَازَعَةٍ، وَلَا تَعَبٍ في ذَلِكَ، بَلْ أَزَالَتْ عَنْهُ كُلَّ نَصبٍ، وَآنسَتْهُ مِنْ كُلِّ وِحْشَةٍ، وَهَوَّنَتْ عَلَيْهِ كُلَّ مَكْرُوهٍ، 
فنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهَا الذِي بَشَّرَهَا بِهِ رَبُّها بِالصِّفَةِ المُقَابِلَةِ لِفِعَالِهَا

نكمل معا في الحلقة القادمة ما حدث بعد ذلك 
تابعونا بارك الله فيكم

الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق