السبت، 26 أغسطس 2023

أم معبد الخزاعية تصف لنا رسول الله كأننا نراه -قصة الهجرة الحلقة الخامسة-

وصف الرسول كأنك تراه 

 قِصَّةُ أُمِّ مَعْبَدٍ الخُزَاعِيَّةُ:

أَكْمَلَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- طَرِيقَهُ إِلَى المَدِينَةِ وَمَعَهُ صَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه- وَعَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-، وَالدَّلِيلُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُرَيْقِطٍ، وَفِي الطَّرِيقِ مَرُّوا عَلَى خَيْمَةِ أَمٍّ مَعْبَدٍ الخُزَاعِيَّةِ،

 وَكَانَ مَنْزِلُهَا بِقُدَيْدٍ (مكان بين مكة والمدينة)، وَكَانَتْ امْرَأَةً كهلة ولكنها قوية في نفسها وجسمها تحدث من مَرَّ بها من الناس وكانت تجلس  بِفِنَاءِ الخَيْمَةِ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ مَنْ مَرَّ بِهَا، 

فَسَأَلَاهَا: لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوا مِنْهَا، فَلَمْ يَجْدُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ قومها قد نفد زادهم وأصابهم الجَدْبُ والقحط، 

فنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى شَاةٍ فِي جَانِبِ الخَيْمَةِ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ "، قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الجَهْدُ عَنِ الغَنَمِ (أي أنها ضعيفة لا تقوى على الخروج للرعي مع باقي الغنم)، 

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟ "، قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَتأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلِبَهَا؟ "، قَالَتْ: إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلَبًا، فَاحْلِبْهَا،

 فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا، وَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا، وطلب رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم إناء- فَحَلَبَ فِيهِ لَبَنًا سَائِلًا كثِيرًا.  حَتَّى امتلأ ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوُوا، وَشَرِبَ آخِرَهُمْ حَتَّى ارتووا جميعا، ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ ثَانِيَةً حَتَّى مَلأَ الإِنَاءَ، ثُمَّ تركه عِنْدَهَا، وَارْتَحَلُوا عَنْهَا.

وبعد قليل جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ، يَسُوقُ أَعْنُزًا هزيلة تتمايل من ضعفها،  فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ وَالمرعى بعيد، وَلَا حَلُوبَ فِي البَيْتِ؟

قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، فَقَالَتْ:

 رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الوَضَاءَةِ (هي الحُسن والبهجة) أبلَجَ الوجهِ (أي مُشرِقَ الوجه)،لم تَعِبه نُحلَة (أي نُحول الجسم) ولم تُزرِ به صُقلَة (أنه ليس بِناحِلٍ ولا سمين)،

وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دَعَج (شدَّة سوادِ العينِ في شِدَّةِ بياضها)، وفي أشفاره وَطَف (طويل شعر العين)، 

وفي صوته صحَل (بحَّة و حُسن)، و في عنقه سَطع (طول)،

وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)، أزَجُّ أقرَن (حاجباه طويلان و مقوَّسان و مُتَّصِلان)، 

إن صَمَتَ فعليه الوقار، و إن تَكلم سما و علاهُ البهاء،  أجمل الناس و أبهاهم من بعيد، وأجلاهم و أحسنهم من قريب، 

حلوُ المنطق أي حلو الكلام، فصل لا نذْر ولا هذَر (كلامه واضح وظاهربَيِّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)،

 كأنَّ منطقه خرزات نظم يتحَدَّرن (أي كلامه متصل ومتناسق كأنه درر متتابعة)، رَبعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتَحِمُه عين من قِصر، غُصن بين غصين، فهو أنضَرُ الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قَدرًا، (النَّضَارَةُ: هي حُسن الوجه، والبريق)

لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ (يحيطون به) بِهِ، إِنْ قَالَ سَمِعُوا لِقَوْلهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ (يَخْدِمه أصحابه ويُعظمونه ويُسرعُون في طاعته)، لَا عَابِسَ (العابس هو مُقَطِّب الوجه)، وَلَا مُفَنِّدَ (المفند هوالذي لا فائدةَ من كلامه لكِبْرٍ أصَابه).

فَقَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا.

صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله 

نكمل معا في الحلقة القادمة إن شاء طريق الهجرة والوصول إلى قباء ودخول المدينة تابعونا بارك الله فيكم 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق