الأحد، 7 أكتوبر 2012

مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما

۞ حلقة 13 من سيرة النبي ۞..

لما بلغ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ، وكافة للناس بشيرا ، وكان الله تبارك وتعالى قد أخذ الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به ، والتصديق له ، والنصر له على من خالفه ، وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم ، فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه . يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي أي ثقل ما حملتكم من عهدي  قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ   فأخذ الله ميثاق النبيين جميعا بالتصديق له ، والنصر له ممن خالفه ، وأدوا ذلك إلى من آمن بهم وصدقهم من أهل هذين الكتابين .


✿..

أول ما بدئ به الرسول صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة

عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثته :  أن أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة ، حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به ، الرؤيا الصادقة ، لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح قالت : وحبب الله تعالى إليه الخلوة ، فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده  .فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة ..


✿..

 تسليم الحجارة والشجر عليه صلى الله عليه وسلم  

 قال أهل العلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراده الله بكرامته ، وابتدأه بالنبوة ، كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها ، فلا يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله . قال : فيلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله وعن يمينه وشماله وخلفه ، فلا يرى إلا الشجر والحجارة . فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يرى ويسمع ، ما شاء الله أن يمكث ، ثم جاءه جبريلعليه السلام بما جاءه من كرامة الله ، وهو بحراء في شهر رمضان  .


✿..

غار حراء

في غار حراء

لما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين، وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حُبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السَّوِيق والماء، ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة ـ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد ـ فيقيم فيه شهر رمضان، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه.
وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفًا من تدبير الله له، وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض وضَجَّة الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم، فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ...
دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرًا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله
.


✿..


فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن.
وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا، وقد وافق 10 أغسطس سنة 610 م، وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و12 يومًا، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر وعشرين يومًا.

نكمل إن شاء الله في الحلقة القادمة ما حصل لرسول الله صلي الله عليه وسلم عندما رأي جبريل وما حدث بينهما


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق