الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

أشد ما لقي النبي من المشركين

تناولنا بعض من المواقف التي تعرض لها الرسول من المشركين في الحلقة السابقة .نكمل معا :

حلقة 24

كان أمية بن خلف إذا رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه‏.‏ وفيه نزل‏:‏ ‏{‏وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ‏}‏ ‏[‏سورة الهمزة‏:‏1]‏

قال ابن هشام‏:‏::: 
الهمزة‏:‏ الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به‏.‏ واللمزة‏:‏ الذي يعيب الناس سرًا، ويؤذيهم‏.‏

أما أخوه أبّي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين‏.‏ وجلس عقبة مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبيًا أنبه وعاتبه، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، وأبّي بن خلف نفسه فت عظمًا رميمًا ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وكان الأخنس بن شَرِيق الثقفي ممن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، وهي في قوله تعالى‏:‏‏

{‏ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ‏}‏ ‏[‏القلم‏:‏10‏:‏ 13‏]‏‏.‏

**

وكان أبو جهل يجىء أحيانًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه القرآن، ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى، ويؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيل الله ، ثم يذهب مختالًا بما فعل، فخورًا بما ارتكب من الشر، كأن ما فعل شيئًا يذكر، وفيه نزل‏:‏ ‏

{‏فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى‏}‏ ‏[‏القيامة‏:‏31‏]‏،

وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم رآه يصلى في الحرم، ومرة مر به وهو يصلى عند المقام فقال‏:‏ يا محمد، ألم أنهك عن هذا، وتوعده، فأغلظ لــه رسـول الله صلى الله عليه وسلم وانتـهره،

فقال‏:‏ يا محمد، بأي شىء تهددنى‏؟‏ أما والله إني لأكثر هذا الوادى ناديًا‏.‏  "<أي أهلا وعشيرة >_

فأنزل الله ‏{‏فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ‏}‏ ‏[‏العلق‏:‏17، 18‏]‏‏.‏

وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بخناقه وهزه، وهو يقول له‏:‏‏{‏أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى‏}‏ ‏[‏القيامة‏:‏34، 35‏]‏

فقال عدو الله ‏:‏ أتوعدنى يا محمد‏؟‏ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا، وإني لأعز من مشى بين جبليها‏.‏

ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما بعد‏.‏

أخرج مسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال أبو جهل‏:‏ يعفر محمد وجهه بين أظهركم‏؟‏ فقيل‏:‏ نعم، فقال‏:‏ واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه،

فقالوا‏:‏ ما لك يا أبا الحكم‏؟‏ قال‏:‏ إن بينى وبينه لخندقًا من نار وهولًا وأجنحةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا‏)‏‏.‏

:::::::::::

ولكن أشد ما لقي الرسول منهم يرويه لنا عبد الله بن عمرو بن العاص :

 قال : حضرتهم أي المشركين ، وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم ، أو كما قالوا : فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفا بالبيت ، فلما مر بهم غمزوه  ببعض القول . قال : فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 قال : ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها ، فوقف ، ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بالذبح . قال : فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، فوالله ما كنت جهولا . قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، 

حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه . 
فبينما هم في ذلك طلع ( عليهم ) رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به ، يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا ، لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم ؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم : أنا الذي أقول ذلك . قال : فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه . قال : فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه ، وهو يبكي ويقول : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم انصرفوا عنه ، فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط  .

كانت هذه صورة مصغرة لما لاقاه الرسول صلي الله عليه وسلم  وصحابته رضي الله عنهم  من أذي واضطهاد وتعذيب في سبيل نشر دين الله ..








هناك تعليق واحد: