السبت، 31 أغسطس 2013

هل رأي الرسول ربه بالعين ؟

۞ حلقة 51 من سيرة النبي ۞..

تناولنا في الحلقة السابقة رحلة الإسراء والمعراج نكمل ما حدث لرسول الله فيها

هل رأي الرسول ربه بالعين ؟
✿..•:*¨`*:•....•:*¨`*:•..

ذكرنا ان الرسول عُرج به في السماوات ثم عرج به إلى الجبّار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى

اختلف العلماء في رؤية النبي لربه هل هي رؤيا بالعين أم بالفؤاد


ذكر ابن القيم خلافًا في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى، ثم ذكر كلامًا لابن تيمية بهذا الصدد، وحاصل البحث أن الرؤية بالعين لم تثبت أصلًا، وهو قول لم يقله أحد من الصحابة. وما نقل عن ابن عباس من رؤيته مطلقًا ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثاني.

ثم قال: وأما قوله تعالى في سورة النجم: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم:8] فهو غير الدنو الذي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه،

كما قالت عائشة وابن مسعود، والسياق يدل عليه،

وأما الدنو والتدلى في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك وتعالى وتدليه، ولا تعرض في سورة النجم لذلك، بل فيه أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى. وهذا هو جبريل، رآه محمد صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم.


ما رأَي النبي في الرحلة :
..•:*¨`*:•..•:*¨`*:•..


وقد جاء في بعض الطرق أن صدره صلى الله عليه وسلم شُق في هذه المرة أيضًا، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الـرحلة أمورًا عديدة:

عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل: هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.


ورأي أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى: نهران ظاهران ونهران باطنان، فالظاهران هما: النيل والفرات، عنصرهما. والباطنان: نهران في الجنة. ولعل رؤية النيل والفرات كانت إشارة إلى تمكن الإسلام من هذين القطرين، والله أعلم.

ورأى مالكًا خازن النار، وهو لا يضحك، وليس على وجهه بشر ولا بشاشة، وكذلك رأي الجنة والنار.

ورأى أكلة أموال اليتامى ظلمًا لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعًا من نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم.

ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن أماكنهم، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم.

ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين.

ورأى النساء اللاتى يُدخِلن على الرجال مَن ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن.


✿..
ورأى عيرًا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير نَدَّ لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلًا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.

قال ابن القيم: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستضرارهم عليه، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا،

وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال، فلم يزدهم ذلك إلا نفورًا، وأبي الظالمون إلا كفورًا .

يقال: سُمى أبو بكر رضي الله عنه صديقًا؛ لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس.


صلّي الله عليك يا سيدي يا رسول الله


نتابع في الحلقة القادمة إن شاء الله أسباب رحلة الإسراء والمعراج


تابعونا بارك الله فيكم



الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0

الجمعة، 21 يونيو 2013

رحلة الإســـــــراء والمــــــــعراج


۞ حلقة 50 من سيرة النبي ۞..

الإســـــــراء والمــــــــعراج 

..•:*¨`*:•..•:*¨`*:•.



بينما النبي صلى الله عليه وسلم يعاني مما حدث له في عام الحزن ومن اضطهاد قريش له ومن إعراض القبائل عن الدخول في الإسلام إلا القليل منهم بـدأت نجـوم الأمل تتلمح في آفاق بعيدة وبدأ الإسلام في الإنتشار في بلدان بعيدة في خضم هذه الأحداث وقع حادث الإسراء والمعـراج. واختلف في تعيين زمنه على أقوال شتى:

* ـ قيل: قبل الهجرة بستة عشر شهرًا، أي في رمضان سنة 12 من النبوة.

* ـ وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة.

*ـ وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة.
.....
ولم أجد ما أرجح به واحدًا منها، غير أن سياق سورة الإسراء يدل على أن الإسراء متأخر جدًا.

وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة، وفيما يلي نسردها بإيجاز:


قال ابن القيم: أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكبًا على البُرَاق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد.

ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السلام، وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره.

ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم، فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرّا بنبوته.

ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.

ثم عرج به إلى السماء الرابعة، فرأي فيها إدريس، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.

ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.

ثم عرج به إلى السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له: ما يبكيك ؟ فقال: أبكى؛ لأن غلامًا بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى.


ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.

...
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا نَبْقُها مثل قِلاَل هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، ثم غشيها فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها.

ثم رفع له البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون. ثم أدخل الجنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك. وعرج به حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صَرِيف الأقلام.

ثم عرج به إلى الجبّار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة،

فرجع حتى مرّ على موسى فقال له: بم أمرك ربك؟ قال:بخمسين صلاة.

قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره في ذلك، فأشار: أن نعم إن شئت، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه ـ هذا لفظ البخاري في بعض الطرق ـ فوضع عنه عشرًا، ثم أنزل حتى مر بموسى، فأخبره،

فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمسًا،

فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال: قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم، فلما بَعُدَ نادى مناد: هي خمس في العمل وخمسون في الثواب والحسنه بعشر أمثالها لا يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد، أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي
....
نكمل معا في الحلقة القادمة تفاصيل ما رأي النبي صلي الله عليه وسلم في رحلة المعراج

تابعونا بارك الله فيكم
..


الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0

الأربعاء، 19 يونيو 2013

ست نسمات طيبة من أهل يثرب

۞ حلقة 49 من سيرة النبي ۞..

تكلمنا في الحلقة السابقة عمن آمن بالرسول من خارج مكة 

وتوقفنا عند وفد يثرب لنري ماذا حدث وكيف سيكون لهذا اللقاء شأن عظيم بعد ذلك :

☆**☆

ست نسمات طيبة من أهل يثرب 
✿*..*✿


في موسم الحج من سنة 11 من النبوة ـ يوليو سنة 620م ـ وجدت الدعوة الإسلامية بذورًا صالحة، سرعان ما تحولت إلى شجرات باسقات، اتقى المسلمون في ظلالها الوارفة لفحات الظلم والعدوان حتى تغير مجرى الأحداث وتحول خط التاريخ‏.‏ 

وكان من حكمته صلى الله عليه وسلم إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل الله أنه كان يخرج إلى القبائل في ظلام الليل، حتى لا يحول بينه وبينهم أحد من أهل مكة المشركين‏.‏ 

فخرج ليلة ومعه أبو بكر وعلى، فمر على منازل ذُهْل وشيبان بن ثعلبة ، وكلمهم في الإسلام‏.‏ وقد دارت بين أبي بكر وبين رجل من ذهل أسئلة وردود طريفة، وأجاب بنو شيبان بأرجى الأجوبة، غير أنهم توقفوا في قبول الإسلام‏.‏ 
☆**☆

ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقبة منى، فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمدهم حتى لحقهم، وكانوا ستة نفر من شباب يثرب كلهم من الخزرج، وهم‏:‏ 

1 ـ أسعد بن زُرَارة ‏[‏من بني النجار‏]‏‏.‏ 
2 ـ عوف بن الحارث بن رفاعة ابن عَفْراء ‏[‏من بني النجار‏]‏‏.‏ 
3 ـ رافع بن مالك بن العَجْلان ‏[‏من بني زُرَيْق‏]‏‏.‏ 
4 ـ قُطْبَة بن عامر بن حديدة ‏[‏من بني سلمة‏]‏‏.‏ 
5 ـ عُقْبَة بن عامر بن نابي ‏[‏من بني حَرَام بن كعب ‏]‏‏.‏ 
6 ـ جابر بن عبد الله بن رِئاب ‏[‏من بني عبيد بن غَنْم ‏]‏‏.‏ 

وكان من سعادة أهل يثرب أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيًا من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه قتل عاد وإرم‏.‏ 

فلما لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم‏:‏ ‏(‏من أنتم‏؟‏‏)

‏ قالوا‏:‏ نفر من الخزرج،

قال‏:‏ ‏(‏من موالى اليهود‏؟‏‏)‏ أي حلفائهم،

قالوا‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏أفلا تجلسون أكلمكم‏؟‏‏)‏

قالوا‏:‏ بلى،

فجلسوا معه، فشرح لهم حقيقة الإسلام ودعوته، ودعاهم إلى الله عز وجل، وتلا عليهم القرآن‏.‏ 

فقال بعضهم لبعض‏:‏ تعلمون والله يا قوم، إنه للنبى الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه، فأسرعوا إلى إجابة دعوته، وأسلموا‏.‏


وكانوا من عقلاء يثرب، أنهكتهم الحرب الأهلية التي مضت قريبًا، والتي لا يزال لهيبها مستعرًا، فأملوا أن تكون دعوته سببًا لوضع الحرب،

فقالوا‏:‏ إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك‏.‏ 

ولما رجع هؤلاء إلى المدينة حملوا إليها رسالة الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ 

عليه صلوات ربي وسلامه 
☆**☆

سنلتقي في الحلقة القادمة مع حدث جليل وقع للنبي صلي الله عليه وسلم وهو الإسراء والمعراج 

حلقة جميلة 

تابعونا بارك الله فيكم


الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0

الأربعاء، 29 مايو 2013

تابع المؤمنون من غير أهل مكة

۞ حلقة 48 من سيرة النبي ۞..


تعرفنا في الحلقة السابقة علي عدد من صحابة رسول الله الذين أسلموا من خارج مكة 

نتعرف علي عدد آخر منهم رضي الله عنهم 


4 ـ طُفَيْل بن عمرو الدَّوْسى‏:‏ 

كان رجلًا شريفًا، شاعرًا لبيبًا، رئيس قبيلة دوس، وكانت لقبيلته إمارة أو شبه إمارة في بعض نواحى اليمن، قدم مكة في عام 11 من النبوة، فاستقبله أهلها قبل وصوله إليها، وبذلوا له أجل تحية وأكرم تقدير،

وقالوا له‏:‏ يا طفيل، إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا، وقد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وإنما قوله كالسحر، يفرق بين الرجل وأبيه، وبين الرجل وأخيه ، وبين الرجل وزوجـه، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمه ولا تسمعن منه شيئًا‏.‏ 

يقول طفيل‏:‏ فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئًا، ولا أكلمه، حتى حشوت أذنى حين غدوت إلى المسجد كُرْسُفًا؛ فرقًا من أن يبلغنى شيء من قوله، 

قال‏:‏ فغدوت إلى المسجد فإذا هو قائم يصلى عند الكعبة، فقمت قريبًا منه، فأبي الله إلا أن يسمعنى بعض قوله، فسمعت كلامًا حسنًا،

فقلت في نفسى‏:‏ واثكل أمي، والله إني رجل لبيب شاعر؛ ما يخفي عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعنى أن أسمع من هذا الرجل ما يقول‏؟‏ فإن كان حسنًا قبلته، وإن كان قبيحًا تركته، فمكثت حتى انصرف إلى بيته فاتبعته، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه، فعرضت عليه قصة مقدمى، وتخويف الناس إياي، وسد الأذن بالكرسف، ثم سماع بعض كلامه،

وقلت له‏:‏ اعرض عليّ أمرك، فعرض عليّ الإسلام، وتلا عليّ القرآن‏.‏ فوالله ما سمعت قولًا قط أحسن منه، ولا أمرًا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وقلت له‏:‏ إني مطاع في قومى، وراجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لى آية، فدعا‏.‏ 

وكانت آيته أنه لما دنا من قومه جعل الله نورًا في وجهه مثل المصباح، فقال‏:‏ اللهم في غير وجهي‏.‏ أخشى أن يقولوا‏:‏ هذه مُثلة اي أصابه عيب ، فتحول النور إلى سوطه، فدعا أباه وزوجته إلى الإسلام فأسلما، 

وأبطأ عليه قومه في الإسلام، لكن لم يزل بهم حتى هاجر بعد الخندق، ومعه سبعون أو ثمانون بيتًا من قومه، وقد أبلى في الإسلام بلاء حسنًا، وقتل شهيدًا يوم اليمامة‏.‏ 
***


5 ـ ضِمَاد الأزدى‏:‏ 

كان من أزْدِ شَنُوءَة من اليمن، وكان يرقى من هذا الريح اي كان يشتغل بالرقية ، قدم مكة فسمع سفهاءها يقولون‏:‏ إن محمدًا مجنون،

فقال‏:‏ لو إني أتيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدى، فلقيه، 

فقال‏:‏ يا محمد، إني أرقى من هذا الريح، فهل لك‏؟‏ 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏.‏ أما بعد‏)‏‏.‏ 

فقال‏:‏ أعد عليّ كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، 

فقال‏:‏ لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه‏.‏ 
***


نلتقي في الحلقة القادمة مع أول نسمات يثرب والتي سيكون لها شأن عظيم في تغير مجري الدعوة كليا 



تابعونا بارك الله فيكم

الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0

تابعونا بارك الله فيكم


الخميس، 23 مايو 2013

المؤمنون من غير أهل مكة

۞ حلقة 47 من سيرة النبي ۞..


توقفنا في الحلقة السابقة عند القبائل التي دعاها الرسول للإسلام والآن لنري من آمن به من خارج مكة :

المؤمنون من غير أهل مكة 



1 ـ سويد بن الصامت‏:‏ 

كان شاعرًا لبيبًا، من سكان يثرب، يسميه قومه ‏[‏الكامل‏]‏ لجلده وشعره وشرفه ونسبه، جاء مكة 

حاجًا أو معتمرًا، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام،

فقال‏:‏ لعل الذي معك مثل الذي معى‏.‏

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وما الذي معك‏؟‏‏)‏

قال‏:‏ حكمة لقمان‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏اعرضها عليَّ‏)‏‏.‏ فعرضها،

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن هذا لكلام حسن، والذي معى أفضل من هذا؛ قرآن 

أنزله الله تعالى عليّ، هو هدى ونور‏)‏، فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، ودعاه إلى 

الإسلام، فأسلم،

وقال‏:‏ إن هذا لقول حسن‏.‏ فلما قدم المدينة لم يلبث أن قتل في وقعة بين الأوس والخزرج قبل يوم 

بعاث‏.‏ والأغلب أنه أسلم في أوائل السنة الحادية عشرة من النبوة‏.‏
***


2 ـ إياس بن معاذ‏:‏ 

كان غلامًا حدثا من سكان يثرب، قدم في وفد من الأوس، جاءوا يلتمسون الحلف من قريش على 

قومهم من الخزرج، وذلك قبيل حـرب بعاث في أوائل سنة 11 من النبوة؛ إذ كانت نيران العداوة متقدة 

في يثرب بين القبيلتين ـ وكان الأوس أقل عددًا من الخزرج ـ فلما علم رسول الله صلى الله عليه 

وسلم بمقدمهم جاءهم، فجلس إليهم،

وقال لهم‏:‏ ‏(‏هل لكم في خير مما جئتم له‏؟‏‏)‏ فقالوا‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أنا رسول الله ، بعثنى إلى العباد، 

أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا، وأنزل عليّ الكتاب‏)‏،
ثم ذكر لهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن‏.‏

فقال إياس بن معاذ‏:‏ أي قوم، هذا والله خير مما جئتم له، فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع ـ رجل من 

الوفد ـ حفنة من تراب البطحاء فرمى بها وجه إياس،

وقال‏:‏ دعنا فلعمرى لقد جئنا لغير هذا، فصمت إياس، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرفوا 

إلى المدينة من غير أن ينجحوا في عقد حلف مع قريش‏.‏

وبعد رجوعهم إلى يثرب لم يلبث إياس أن هلك، وكان يهلل ويكبر ويحمد ويسبح عند موته، فلا 

يشكون أنه مات مسلمًا‏.‏

***


3 ـ أبو ذر الغفاري‏:‏ 


وكان من سكان نواحي يثرب، ولعله لما بلغ إلى يثرب خبر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسويد 

بن الصامت وإياس بن معاذ، وقع في أذن أبي ذر أيضًا، وصار سببًا لإسلامه‏.‏

روى البخاري عن ابن عباس قال‏:‏ قال أبو ذر‏:‏ كنت رجلًا من غفار، فبلغنا أن رجلًا قد خرج بمكة يزعم أنه 

نبى ، فقلت لأخي‏:‏ انطلق إلى هذا الرجل وكلمه، وائتنى بخبره، فانطلق فلقيه، ثم رجع، فقلت‏:‏ ما 

عندك‏؟‏ فقال‏:‏ والله ، لقد رأيت رجلًا يأمر بالخير، وينهي عن الشر، 

فقلت له‏:‏ لم تشفنى من الخبر، فأخذت جرابًا وعصا، ثم أقبلت إلى مكة، فجعلت لا أعرفه، وأكره أن 

أسأل عنه، وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد‏.‏
قال‏:‏ فمر بى عليّ‏.‏ فقال‏:‏ كأن الرجل غريب‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ فقال‏:‏ فانطلق إلى المنزل، فانطلقت معه لا 

يسألنى عن شيء ولا أسأله ولا أخبره‏.‏

فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرنى عنه بشيء‏.‏ قال‏:‏ فمر بى عليّ فقال‏:‏ 

أما نال للرجل يعرف منزله بعد‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فانطلق معي،

قال‏:‏ فقال‏:‏ ما أمرك‏؟‏ وما أقدمك هذه البلدة‏؟‏ قال‏:‏ قلت له‏:‏إن كتمت عليّ أخبرتك، قال‏:‏ فإني أفعل، قال‏:‏ 

قلت له‏:‏ بلغنا أنه قد خرج هاهنا رجل يزعم أنه نبى الله ، فأرسلت أخي يكلمه فرجع ولم يشفنى من 

الخبر، فأردت أن ألقاه‏.‏

فقال له‏:‏ أما إنك قد رشدت‏.‏ هذا وجهي إليه، ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدًا أخافه عليك قمت 

إلى الحائط كإني أصلح نعلى، وامض أنت‏.‏ فمضى ومضيت معه حتى دخل، ودخلت معه على النبي 

صلى الله عليه وسلم‏.

‏فقلت له‏:‏اعرض عليّ الإسلام‏.‏ فعرضه، فأسلمت مكإني ، فقال لي‏:‏ ‏(‏يا أبا ذر، اكتم هذا الأمر، وارجع 

إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل‏)‏‏.‏

فقلت‏:‏ والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم، فجئت إلى المسجد، وقريش فيه

، فقلت‏:‏ يا معشر قريش، إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ،

فقالوا‏:‏ قوموا إلى هذا الصابئ‏.‏ فقاموا، فضربت لأموت، فأدركنى العباس فأكب عليّ، ثم أقبل عليهم 

فقال‏:‏ ويلكم تقتلون رجلًا من غفار‏؟‏ ومتجركم وممركم على غفار، فأقلعوا عنى‏.

‏ فلما أن أصبحت الغد، رجعت، فقلت مثل ما قلت بالأمس‏.‏ فقالوا‏:‏ قوموا إلى هذا الصابئ، فصنع بي ما 

صنع بالأمس، فأدركني العباس، فأكب عليّ وقال مثل مقالته بالأمس‏.‏ 

***

نكمل معا في الحلقة القادمة ونتعرف علي عدد آخر من صحابة رسول الله ممن أسلموا من خارج 

مكة ..

الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0

تابعونا بارك الله فيكم

الخميس، 9 مايو 2013

رسول الله يعرض الإسلام علي القبائل بعدما رفضت قريش دعوته

۞ حلقة 47 من سيرة النبي ۞..


بعد رجوع الحبيب محمد من الطائف بدأ في:

عرض الإســلام علي القــبائل والأفـــراد
•:*¨`*:••:*¨`*:••:*¨`*:••:*¨`*:•

في ذى القعدة سنة عشر من النبوة ـ في أواخر يونيو أو أوائل يوليو سنة 619 م ـ عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ ليستأنف عرض الإسلام على القبائل والأفراد، ولاقتراب الموسم كان الناس يأتون إلى مكة رجالا، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق لأداء فريضة الحج، وليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات،

فانتهز رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفرصة، فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إليه ، كما كان يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة ، وقد بدأ يطلب منهم من هذه السنة ـ العاشرة ـ أن يؤووه وينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما بعثه الله به.

♣♦♣
القبائل التي عرض عليها الإسلام

✿-----✿-----✿-----✿-----✿

..قال الزهرى: وكان ممن يسمى لنا من القبائل الذين أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم وعرض نفسه عليهم:

بنو عامر بن صَعْصَعَة، ومُحَارِب بن خَصَفَة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعَبْس، وبنو نصر، وبنو البَكَّاء، وكندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعُذْرَة، والحضارمة، فلم يستجب منهم أحد.

وهذه القبائل التي سماها الزهرى لم يكن عرض الإسلام عليها في سنة واحدة ولا في موسم واحد، بل إنما كان ما بين السنة الرابعة من النبوة إلى آخر موسم قبل الهجرة. ولا يمكن تسمية سنة معينة لعرض الإسلام على قبيلة معينة، ولكن الأكثر كان في السنة العاشرة.

أما كيفية عرض الإسلام على هذه القبائل، وكيف كانت ردودهم على هذا العرض فقد ذكرها ابن إسحاق، ونلخصها فيما يلي:

1󾀽
ـ بنو كلب: أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بطن منهم يقال لهم: بنو عبد الله ، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: (يا بني عبد الله ، إن الله قد أحسن اسم أبيكم)، فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.



2󾀽
ـ بنو حنيفة: أتاهم في منازلهم فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم.


3󾀽
ـ وأتى إلى بني عامر بن صعصعة: فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه، فقال بَيْحَرَة بن فِرَاس [رجل منهم]: والله ، لو إني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب،

ثم قال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ 

قال: (الأمر إلى الله ، يضعه حيث يشاء)، 

فقال له: أفَتُهْدَفُ نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه.


ولما رجعت بنو عامر تحدثوا إلى شيخ لهم لم يواف الموسم لكبر سنه، وقالوا له: جاءنا فتى من قريش من بني عبد المطلب يزعم أنه نبى، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه، ونخرج به إلى بلادنا، فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال: يا بني عامر وهل لها من تَلاَف؟ هل لذُنَابَاها من مَطْلَب؟ والذي نفس فلان بيده ما تَقَوَّلَها إسماعيلى قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم؟.

قوله: (هل لها من تلاف)، أي: تدارك، وقوله: (وهل لذناباها من مطلب) مثل يُضرب لما فات


󾁁
󾁁

المؤمنون من غــير أهــل مكة
✿-----✿-----✿-----✿-----✿

وكما عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام على القبائل والوفود، عرض على الأفراد والأشخاص، وحصل من بعضهم على ردود صالحة، وآمن به عدة رجال بعد هذا الموسم بقليل.....

سنتعرف علي بعض منهم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالي

تابعونا بارك الله فيكم


الحلقات السابقة هنا : http://goo.gl/9XDs0